تتوالى الأيام والأعوام على الساحة السياسية الجزائرية دون أن يتغير الخطاب السياسي على مستوى الأحزاب وهي أحزاب تفتقر لكفاءات تجدد خطابها السياسي وتكيّفه مع التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية حتى تكون في مستوى تطلعات المجتمع والشعب بصفة عامة.
يقف مستوى الخطاب السياسي لبعض التشكيلات الحزبية وراء أكبر الأسباب التي جعلت العزوف الانتخابي يرتفع ويطبع الخطاب في الجزائر بالعنف اللفظي وترصد كل طرف لأخطاء الآخر، مع تحميل السلطة كل شيء في صورة نمطية جعلت الكل يقع في هذا النوع من الخطاب وهذا حتى بعد اعتماد أحزاب جديدة بعد حزمة قوانين الإصلاحات سنة 2012.
تتقاطع عديد الأحزاب السياسية في نقطة واحدة وهو تركيزها على الصدى الإعلامي، حيث يعمل قادتها وممثلوها وممثلوهم على إطلاق تصريحات نارية بغرض استقطاب المؤسسات الإعلامية التي تتناقل تلك التصريحات وتضخم يخيل لقيادة هذه الأحزاب بأنها تمثل المعارضة، بينما يبقى العمل الميداني مغيّبا، عدا بعض الندوات الصحفية التي تأتي في جل الأحيان رد فعل على مبادرات السلطة.
في ظل الفراغ الذي يعرفه النشاط السياسي، لجأت الكثير من الأحزاب للتهجم على بعضها البعض، صانعة مشهدا زاد من بؤس الساحة السياسية واستمر هذا الوضع لسنوات طويلة. وحتى الحملات الانتخابية لم تخل من العنف اللفظي من خلال تفضيل كل طرف كشف عيوب الآخر.
ويعكس انتشار هذه الظاهرة فقدان الأحزاب السياسية الكفاءات اللازمة التي تحدث الفارق وتكون حاضرة يوميا تتابع التطورات الداخلية والإقليمية والخارجية وتزود الرأي العام بخلفيات القضايا وتكون منبرا للتنوير والتحسيس.
ابتعدت النخبة عن المشهد السياسي بسبب ظهور الأمور السلبية في العمل السياسي، فانتشرت المحاباة والمحسوبية والجهوية بقوة، كما أن دخول «الشكارة» على الخط أفقد العمل السياسي والنضال بريقهما، كما أن التجوال السياسي، الذي منعه الدستور الجديد من أبرز المظاهر السلبية التي أصبحت علامة جزائرية مميزة، عكر صفو النضال السياسي.
وعليه، يبقى تجسيد الدستور الجديد بصرامة قبل عام عن الاستحقاقات التشريعية والمحلية أكبر ضامن لإرجاع روح النضال والعمل السياسي.