لا أعتقد بأنّ مصيبة سوريا في «داعش» الارهابي وتوابعه فقط، بقدر ما هي مجسّدة ومحدّدة في بعض المعارضة ومن يقف وراءها، ويمدّها بجرعات السمّ التي تقتل الحياة في بلاد الشّام منذ خمس سنوات...
مصيبة سوريا قبل أن تكون مع الإرهاب، هي في الذين تراهم من وراء شاشات الفضائيات يتحدّثون عن آلام الشّعب السّوري الصّامد في أرضه أو الهائم على وجهه في الملاجئ والمنافي، وباسمه يحاولون أن يفرضوا حلولا مفصّلة على مقاساتهم تقضي في النّهاية إلى اعتلائهم مناصب السّلطة، وهم الذين ظلّوا ولا يزالوا في مأمن يعيشون في أفخم الفنادق وأغلى العواصم دون أن تلسعهم المصائب التي يتجرّعها أبناء وطنهم الجريح يوميّا.
المعارضة حقّ مشروع تكفله كل القوانين والشّرائع، لكن من يمارسها إذا كان هو بالفعل صاحب قضيّة وليس عبدا مأجورا لتنفيذ مهمّة قذرة ضدّ وطنه وشعبه، عليه أن يبقى وسط مواطنيه ليكون أوّل المقاومين، يعيش آلامهم ويشاركهم تضحياتهم، ولا يزجّ بهم في النّار ويرشّهم بالبنزين ليحتمى هو بالخارج الذي يدفع فواتير إقامته الفاخرة وأمنه المصان...
المعارض الحقيقي لا يفعل ببلده ما فعلته بعض معارضة سوريا بسوريا وأهلها، حيث ألقت بها في نار حارقة لتصفي حساباتها مع بعضها البعض على حساب أرض الشام الصّامدة وأبنائها.
من هذا المنطلق، لا أعتقد بأنّ من حقّ المعارضة السّورية أن تشترط رحيل الرئيس الحالي أو موته للانخراط في المفاوضات، فتغيير النّظام أيّا كان هو شأن خاص يحدّده ويقرّره الشّعب، وطريق ذلك معروف وهي صناديق الاقتراع، و»الأسد» لا يعارض المغادرة إذا كانت خيارا شعبيا صرفا ثم ألم تتّعض هذه المعارضة الضّالة بما حصل في ليبيا التي غرقت في الفوضى بعد تنحية نظامها بالقوّة، وحتى في اليمن، رحيل علي عبد الله صالح لم يحل أبدا الأزمة بل عمّقها...
الحل في البداية والنّهاية بسوريا، يكمن في صمت المعارضة الهدّامة ومعها صخب السّلاح، ليتسنّى للعالم الاستماع إلى صوت السّلام ورأي الشّعب، فهو الوحيد المعني بتقرير مصيره، وليس لأحد حق الوصاية عليه أو اعتباره قاصرا ليفرض رأيه عليه، لا النّظام ولا المعارضة، ولا حتى من يستخدم هذه المعارضة كمعول للتّهديم.