اعتمدت الأمم المتّحدة في دورتها الـ ٦٦ عام ٢٠١٢ بداية فصل الرّبيع وتحديدا الـ ٢٠ من شهر مارس يوما عالميّا للسّعادة اعترافا منها بأهمية السّعي للسّعادة أثناء تحديد أطر السياسة العامة لتحقيق التّنمية المستدامة والقضاء على الفقر وتوفير الرّفاهية لجميع الشّعوب.
وبالرّغم من تباين وجهات النّظر حول مفهوم السّعادة والعوامل التي تحقّقها، والتي يمكن أن لا تتجاوز لقمة عيش للبعض أو فسحة أمن وأمان للبعض الآخر، فالأكيد أنّ من فكّر في تخصيص يوم من العام للسّعادة يكون قد وضع أصبعه على الجرح، ولامس وجع الكثير من الشّعوب التي أصبحت أيّامها ولياليها مكسوّة بالتّعاسة بفعل الفقر والفاقة والأحداث الدّامية التي غرقت فيها.
لقد أصبحت كلمة السّعادة للأسف الشّديد بلا معنى للكثير من المغلوب على أمرهم، ولم يعد يدرك كُنهها غير النّصف الشّمالي من الأرض، فاستقراءات الرأي كشفت بأنّ دول أوروبا وأمريكا تتصدّر قائمة البلدان الأكثر سعادة في العالم، في حين أنّ الدّول العربية الإفريقية تتذيّلها، طبعا فمن أين للسّعادة بمنفذ تتسرّب منه إلى نفس المواطن العربيّ الذي يعيش في أجواء من الفوضى الخلاّقة والأزمات الدّمويّة المدمّرة؟
ومن أين للأمل أن يبسط بهجته والسّكاكين السّامة تمزّق أوصال الوطن العربي تارة باسم الطّائفية وأخرى باسم المذهبية، وثالثة تحت عنوان المناطقية والولاء لهذا الطّرف الخارجي وذاك...؟
شيء جميل أن تعتمد الأمم المتحدة يوما للسّعادة، وتشدّد على أنّ الطّريق إليها يحقّق التّكافؤ بين دعائم الاقتصاد الثّلاثة (التّنمية المستدامة، الرّفاه الاجتماعي وسلامة الفرد والبيئة)، لكن الأجمل أن لا تختزل السّعادة في يوم واحد، وقبل ذلك وبعده أن تبادر الأمم المتحدة وسعداء الجزء الشّمالي من الأرض إلى تحقيق عوامل السّعادة للذين يفتقدونها، والطّريق إلى ذلك واضحة وسهلة وهي إنهاء الحروب والتوتّرات، وتحقيق فرص التّنمية للجميع، وجعلها شعارا كالذي ترفعه دولة بوتان «السّعادة الشّاملة هي أهم ناتج قومي للبلاد».
وفي الأخير وجب التّأكيد بأنّ إدراك أهمية تحقيق السّعادة في المجتمعات، هو الذي دفع بدولة الإمارات العربية المتّحدة الشّقيقة إلى تعيين وزيرة للسّعادة.