مازلت أذكر التفاصيل التراجيدية الأولى لحادثة ڤمار في بداية التسعينيات وما لحقها من مآسي كانت فاتحة لجهنم عصفت بالوطن، وهاهي قمار مرة أخرى، إثر العملية الأخيرة التي قامت بها وحدات الجيش الوطني الشعبي والأسلاك المشتركة، أول أمس، بنفس المدينة المترامية أطرافها على بالجنوب الشرقي من صحرائنا، أين تم فيها التخطيط للهجوم على الثكنة العسكرية، ومن هناك بدأت رحلة المد الإرهابي في الجزائر، وتوسعت رقعته إلى أن وصل الورم الوطن برمته، وحدث الذي حدث، وطن يغرق في الدماء، قوائم لا تحصى من الشهداء، أرامل وثكلى، ونفوس مازالت تعيش على وقع المشاهد الدموية إلى اليوم، ووطن استبيح فيه الموت المجاني بكل لغاته ومعانيه.
قمار البارحة وفي عملية وبأقل صورة من تلك التي حدثت في تسعينيات القرن الماضي، كانت وحدات جيشنا الباسل لها بالمرصاد، ولكل من تسوّل له نفسه إثارة الفتنة والإشادة بالإرهاب بكل أشكاله، عيون لا تنام، تتابع كل صغيرة وكبيرة على طول حدودنا الجنوبية والغربية.
ما تعيشه ليبيا اليوم من تداعيات الوضع الأمني، واستحواذ التنظيم الإرهابي داعش على مدن بأكملها، وتهديده المستمر للمنطقة برمتها، من شأنه أيضا أن يهدد مناطقنا الحدودية القريبة من ليبيا على مستوى بلدية الدبداب وغيرها، ناهيك عن الحدود المشتركة مع الجارة تونس خاصة منطقتي المرموثية وأم لكماكم وغيرها من المناطق الجبلية ذات التضاريس الوعرة، التي تتخذها الجماعات المسلحة مناطق عبور لها.
من يتذكر قمار بالأمس، أكيد سيتذكر الإرهابيين الطيب الأفغاني، لزعر عمر جمال الأفغاني، حميد البارا، الجمعي السوفي، عبد القادر السوفي، ويتذكر الإرهابي الذي تم القضاء عليه أول أمس كمال.ع المدعو عبد الرحمان هذا الذي التحق بالجماعات المسلحة منذ 1994، وغيرهم من الأسماء التي زرعت الرعب وأفقدت الناس السكينة وعكرت الأمن والاستقرار.
الوضع الأمني عند جيراننا يدعو للقلق، ويتطلب منا الحيطة والحذر، وتكاثف الجهود والنظر بعيون تحرس الوطن، المسألة ليست مهمة الجيش فقط ولكنها واجب ومسؤولية المجتمع والأفراد كل من مكانه، حتى نحمي الوطن ويكبر في أعين الأعداء.