ثارت ثائرة الحكومة المغربية من المواقف السياسية التي أبداها بان كيمون تجاه قضية الشعب الصحراوي بخصوص حتمية تقريره مصيره من خلال الشروع في مفاوضات مباشرة تؤدي إلى تنظيم الإستفتاء بهذا الإقليم.
الأقوال الواردة في البيان الأخير تفتقد إلى الأخلاقيات السياسية المتعارف عليها في الأعراف الدبلوماسية عند مخاطبة أي طرف.. تترجم الهيستيريا والتخبط الذي أصاب المغاربة إلى درجة استعمال مصطلحات غير لائقة تجاه الأمين العام لم نسجلها في حوليات وأدبيات التعامل على هذا المستوى.
هذا الفقدان للأعصاب، والتطاول على الأمين العام ماهي إلى شعور مغربي قوي بأن الشرعية الدولية أضحت محركا أساسيا في مرافقة هذا الملف من الآن فصاعدا.. بعيدا عما يدّعيه هؤلاء من «الأقاليم الجنوبية» وغيره من إجترار إدعاءات باطلة.
الحكومة المغربية ارتكبت خطأ فادحا عندما رفضت استقبال بان كي مون، معتقدة بأن المسألة في الجيب دون قراءة عواقب مثل هذا القرار، مراهنة على قرب إنتهاء عهدته من على رأس هذا المنتظم، وتناست بأن هذا الرجل الذي ألصقت به كل تلك النعوت سيرفع تقريره خلال شهر أفريل القادم إلى مجلس الأمن.
وهكذا أراد البيان إضفاء طابع «العاطفة» على مواقف بان كي مون عندما أشاروا إلى مصطلح «مجاملة» ناهيك عن اتهامات أخرى كـ «الإنحرافات والإنحياز» وغيرها من الكلمات لا داعي لذكرها هنا كونها تنمّ عن فكر إستعماري، وتوجه إحتلالي بائد أكل عليه الدهر وشرب، يرفع هذا اللواء في سياق دولي حساس جدا.
الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كيمون وقف على حقائق ثابتة لشعب يئن تحت إحتلال بشع منذ ٤٠ سنة وما قاله هو الواقع بعينه لا يستطيع أحد نكرانه مهما كان دهاءه.
وهذا ليس له علاقة بتاتا بالجانب الذاتي أو «المجاملاتي» الذي يتحدث عنه المغاربة، وإنما المسؤول الأممي يعمل وفق رؤية نزيهة.. من استقبله في المناطق المحررة هم صحراويون قيادة وشعب، وليسوا مغاربة أبدا، هم نفسهم الذين ثاروا على هذا المحتل منذ ١٩٧٥ إلى غاية ١٩٩١، ومازالوا يقاومونه حتى الآن، وهم الذين تفاوضوا في «مانهاست» وعليه لا يمكن نكرانهم أو وضعهم بأوصاف لا تليق كما جاء في البيان السالف الذكر، هذا شعب مقاوم حاضر على أراضيه المحررة، له رايته الوطنية، ألوانها ترفرف في كل مكان عكس ما يدّعيه المغرب.
وقد يخطئ المغرب، إن اعتقد بأن هناك ضمانات ممنوحة في هذا الملف من قبل الكبار، كما أعلن عنه، لأن الأمر يتعلق بتقرير مصير شعب لا يمكن التلاعب بمستقبله، أو الرهان على قضايا لايصلح أبدا بالنظر إلى الحقائق الساطعة على الصعيد الدولي، وكل هذا التقدّم للشعب الصحراوي.