تدخل الجزائر استراتيجية اقتصادية جديدة ونظرة مستقبلية تعتمد على الاستغلال الأمثل للقدرات البشرية والخيرات الوطنية، تتمشى مع طموحاتها في التصدي للأزمة المالية الناتجة عن انخفاض أسعار النفط.
ويبقى الشغل الشاغل للجزائر، هو تفعيل الاقتصاد الوطني بنسبة قياسية ضمن «ميكانيزمات» تسمح له الاستفادة من الثروات المادية والبشرية الممنوحة، خاصة وأن التوازنات الكبرى لاقتصادنا تمنح هذه الفرص بشكل كبير.
إن القرار الذي أعلن عنه الوزير الأول عبد المالك سلال، نهاية الأسبوع الماضي، بإرساء القرض السندي المحلي بدل الاستدانة الخارجية، يسير ضمن هذه الاستراتيجية الطموحة، خاصة وأن نسبة الفائدة 5 من المائة، «محفّزة» إلى حد بعيد. وهي نسبة يراها الخبراء منطقية، كون رقمها يفوق نسبة التضخم لكي تؤدي دورها الفعلي على الميدان.
في المقابل، الجزائريون مدعوون للمساهمة في هذه «الهبّة « الاقتصادية الوطنية التي ستوفر «السيولة الحقيقية» التي يحتاجها الاقتصاد الوطني لتوفير «الأمن المالي» والرفاهية اليومية للمواطن الجزائري وتبعد أيّ اهتزاز واضطراب اجتماعي محتمل.
من جهة أخرى، فإن هذه الخطوة تأتي لتضاف إلى القرار الذي اتخذ آنفا فيما يخص «امتصاص» الكتلة المالية الموازية التي تسير في منحى تصاعدي باقتناع أصحابها بنجاعة الاندماج في المنظومة الرسمية، مما سيوفر إمكانات مالية مهمّة للمشاريع المسجلة. وبالتالي، فإن التحكم في المصادر المالية المتعددة قد تكون بمثابة «الدينامو» الحقيقي لاقتصاد فعال ومتنوع.. هذا التنوع الذي سيتجسد أيضا من خلال الإجراءات التحفيزية التي مافتئت تظهر على الميدان «نجاحات» العبقرية الجزائرية التي تبرهن على قدراتها، إن وجدت الظروف المناسبة لعملها وترقيتها.
وينتظر أن تعرف هذه الإجراءات طفرة اقتصادية «تبعد» الجزائر عن الاعتماد بنسبة قياسية على إيرادات المحروقات وتداعياتها الخطرة على الإيرادات المالية أثناء أي تراجع لأسعار النفط، مثلما عشنا تجارب صعبة في فترات سابقة ونعيشها في هذه الآونة.
فالرؤية أصبحت واضحة والسير في الطريق المؤدي إلى اقتصاد قوي ومتنوع بدأت ظروفه تتوفر، والاعتماد على القدرات الوطنية يعتبر بمثابة القاطرة لكل نمو محتمل.