يحل اليوم، الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون، بالمخيمات الصحراوية ضمن جولة تقوده إلى المنطقة، وهي جولة اعتبرها الكثير من المتابعين للملف الصحراوي، أنها ستكون محورية وهامة على طريق طي الملف الصحراوي، خاصة وأنها تأتي قبل شهر واحد على إعداد التقرير الذي سيرفعه الأمين العام الأممي شهر أفريل القادم إلى مجلس الأمن بخصوص نشاطات بعثة المينورسو، التي فشلت على مدار ربع قرن من التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار بين طرفي النزاع أي جبهة البوليساريو والمغرب على إنجاز المهمة التي أوجدت من أجلها وهي تنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية.
لا شك أن زيارة بان كي مون إلى المنطقة زادت من توتر وقلق المخزن، وقد تجسد ذلك في سلوكات متهورة ومستفزة أدت إلى تنامي خلافاته مع المنظمات الدولية والإقليمية سيّما منها الاتحاد الأوربي، وأن المراد من تلك التصرفات هي التشويش والمراوغة يهدف من ورائها تحويل الأنظار عن زيارة بان كي مون إلى المنطقة وتقديمها على أنها لا حدث، في حين هو يدرك جيدا أن من شأنها أن تكون محطة يمكنها أن تغير الكثير من المعطيات، لهذا يحاول المخزن إيجاد مخرج من الزاوية التي حشر فيها بعدما حاصرته الشرعية الدولية ووضعته أمام الأمر الواقع، المتمثل في إطلاق مفاوضات برعاية أممية وبهذا سوف لن يبقى لديه ما يبرر استمراره في احتلال الأراضي الصحراوية الموضوعة ضمن الأقاليم المعنية بتصفية الاستعمار منذ أكثر من نصف قرن، سوى إعلان تمرده صراحة على الإرادة الدولية، التي يؤخذ عليها أنها لم تثبت من الصدق والعزم ما يكفي لإيقافه عند حده من جهة ولجم الدول التي ترعى الاستعمار وتعرقل أي بوادر لحل هذه القضية التي تتوفر على كل الشروط والقرائن القانونية القاضية بتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره عبر استفتاء حر ونزيه ترعاه الأمم المتحدة.
الأكيد أن هذه الزيارة التي عمل المخزن الممكن والمستحيل من أجل عرقلتها أو تأجيلها - على الأقل إلى ما بعد شهر أفريل من العام الجاري - تثبت مدى خيبة وانتكاسة الدبلوماسية المغربية كما تعكس في الوقت نفسه وجود إرادة أممية غير مسبوقة في إيجاد حل لهذا النزاع الذي عمّر طويلا ووضع على مكاتب 5 أمناء عامين تداولوا على إدارة الأمم المتحدة دون أن يجدوا له حلا، فهل تعكس هذه الزيارة رهانا شخصيا لـبان كي مون لمسح هذا العار الذي يلاحق هيئة الأمم المتحدة، وينهي بذلك معاناة شعب عمرها أربعين سنة ويخرج بذلك من الباب الواسع، وهذا قبل استكمال عهدته الوشيكة على نهايتها كأمين عام للأمم المتحدة