ليبيا في مفترق الطرق والمخرج في الحوار السياسي

سعيد بن عياد
01 مارس 2016

يثير الوضع القائم في ليبيا الشقيقة الاهتمام والانشغال في الوسط الإقليمي والدولي، بالنظر لمدى التطورات الخطيرة التي يعكسها المشهد، في ظل عدم توصل الفرقاء الليبيين بكافة توجهاتهم إلى الحسم في إقامة نظام سياسي يجسد تطلعات الشعب الليبي، ليتفرغ إلى بناء مسار التنمية في كنف الأمن والسلم، وإنهاء حالة أشبه بالمغامرة التي لها كلفة ترهن مصير بلد بأكمله.
بعد خمس سنوات من دخول ليبيا “مرحلة ما بعد نظام القذافي”، تقف اليوم في مفترق الطرق في انتظار أن تخرج من نفق طال أمده، فحسم مسألة الاتجاه الذي يعيد هذا البلد الغني بثرواته الطبيعية والمتميز بتاريخه في مقاومة الغزو الأجنبي، التي يرمز إليها البطل عمر المختار إلى وضعه الطبيعي كبلد يمكنه أن يساهم في تعزيز الاستقرار، من خلال إرساء مؤسساته التي تتكفل بإنجاز الأهداف الوطنية ضمن التوجهات التاريخية من حيث الانتماء والهوية.
ضمن هذا الانشغال الذي تفرضه قيم حسن الجوار وروح الانتماء المشترك والرصيد التاريخي للتعاون بين الشعبين، لم تدخر الجزائر جهدا في الدفع بمسار التسوية السياسية في ليبيا من خلال مرافقة الفرقاء وتقريب وجهات النظر وتقديم المساعدة لضبط ورقة طريق تقود إلى الانفراج وفقا للخيار الليبي الحر، ومن ثمة حماية البلد من خطر اللاأمن وتغلغل قوى إرهابية تحمل تهديدا لمصالح الشعب الليبي وكل المنطقة المغاربية والساحل والصحراء وحتى أوروبا.
 وتحرص الجزائر على أن يحقق الشعب الليبي ما يصبو إليه، انطلاقا من كل تلك القيم النبيلة التي تجد أثرها في التاريخ المشترك ومصالح الدولة الوطنية للبدين، القائمة على روح التعاون وحسن الجوار وجعل التنمية اتجاها دوليا ضمن مبادئ وقيم المجموعة الدولية وضرورات التكتلات الإقليمية، على غرار اتحاد المغرب العربي والاتحاد الإفريقي وميثاق الجامعة العربية.  
وفي هذا الإطار تحرص الجزائر من منطلق القناعة الراسخة، على أن تتجه تطورات الأمور إلى الانفراج بما يفوت الفرصة أمام قوى وأطراف ذات نفوذ، وتسعى من أجل مصالحها الضيقة، بإمكانها أن تساهم في تنمية الخيار السياسي الذي يحمل الحل العادل والشفاف، ويحمي المصلحة الوطنية للدولة الليبية في مواجهة التهديدات الداخلية، التي تقود تفاعلاتها إلى حرب أهلية يتمخض عنها ضياع الثروات التي ينتظر أن تحقق أحلام وتطلعات شعبها في التطور والنماء والرفاهية، خاصة وأن ليبيا تملك ثروات تؤهلها لاستدراك مؤشرات النمو، لكن تجعلها بالمقابل محط أطماع قوى الاستعمار الجديد وتسيل لعاب شركات متعددة الجنسيات، لا تقبل سيطرة الدولة الوطنية على ثرواتها.
ومن الطبيعي أن يشكل الأمن والاستقرار في كافة ربوع المنطقة والعالم قاسما مشتركا، يقتضي من كافة الأطراف المساهمة في توفير الشروط اللازمة لتكريسه، من خلال اعتماد المقاربة السياسية التي تستقطب كافة الأطراف التي لديها قناعة راسخة بأن لا مجال لتهديد الأمن الذي توليه الجزائر العناية المطلوبة لفائدة كل المنطقة، بحيث لا مجال للتردد في حماية الحدود الوطنية في مواجهة أي خطر أو اعتداء محتمل، التزاما مع مبادئها الراسخة المستمدة من رحم الثورة التحريرية المجيدة، التي حملت معها بدرجة مشهود لها بشائر استقلال العديد من الشعوب في المنطقة وإفريقيا، التي توليها الجزائر اهتماما كبيرا من حيث الدفع بمسارات مندمجة للتنمية المستدامة، وهي أهداف ذات طابع إنساني تستدعي إحاطتها بما يلزم من أمن ومناخ من الاستقرار التام.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024