40 سنة من البناء المؤسساتي

أمين بلعمري
27 فيفري 2016

أثبت الشعب الصحراوي خلال أربعين سنة كاملة من الكفاح بمختلف أشكاله من أجل افتكاك حقه الشرعي في تقرير مصيره، أنه صاحب قضية ومشروع يتمثل في بناء دولة ديمقراطية مستقلة وسيّدة، يتمتع فيها الصحراويون بحريتهم الكاملة وبهذا جاء إعلان الجمهورية العربية الديمقراطية الصحراوية في مثل هذا اليوم من سنة 1976 رسالة واضحة إلى العالم أجمع أنه شعب حر لا ينتمي إلى أي أحد بعد المناورات المغربية التي حاولت الانقضاض على الأراضي الصحراوية، وكأنها تركة استعمارية تتوارث أعطى من لا يملك الحق لنفسه في التنازل  لمن لا يستحق وهي المعادلة التي تعبر عن حجم تواطؤ اسبانيا مع المغرب في احتلال الأراضي الصحراوية، في الوقت الذي استبشر فيه الشعب الصحراوي خيرا في انسحاب الجيش الاسباني من أراضيه، أمام الضربات الموجعة للمقاومة الصحراوية بقيادة جبهة البوليساريو.
لا شك أن المغرب تحيّن فرصة دخول المقاومة الصحراوية في استراحة محارب بعد انسحاب الاسبان، وسيسجل التاريخ أنه استغل طيبة وثقة الصحراويين الذين لم يتصوروا أن تأتيهم الطعنة في الظهر وأن تقوم مملكة الحسن الثاني لإطلاق حملته العسكرية لاحتلال الصحراء الغربية تحت غطاء «المسيرة الخضراء» بإيعاز من القوى الاستعمارية التقليدية، التي لا تزال تدعمه إلى اليوم وتتستر على جرائمه وتجاوزاته بل وتبذل كل ما في وسعها لعرقلة وإجهاض الجهود الأممية لحل النزاع، وهذا كله ليكون المغرب أداتهم في نهب ثروات وخيرات الصحراء الغربية حتى لا تتلوث أيديهم بجرم السرقة والنهب وهي لا تزال مضرجة أصلا بدماء الشعوب التي كابدت جحيم استعمارها على مدار قرون.
إن إحياء الشعب الصحراوي للذكرى الأربعين لإعلان جمهوريته، يثبت أن إرادة الشعوب رغم قلة الحيلة والوسيلة ورغم الظلم والطغيان هي الوقود الذي لا ينضب، لأنه نابع عن قناعة وإيمان بالقضية ويقين الذي لا يصل إليه شك أن الباطل لا يصمد رغم كثرة أنصاره وكثرة عدتهم وعتادهم والتاريخ يقدّم من الأمثلة الكثير وحالة كفاح الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي المدعوم من الحلف الأطلسي أكبر دليل، فمن كان يتصور أن شعب أعزل جائع يستطيع أن يهزم أكبر قوة استعمارية عسكريا وسياسيا ويقوّض آلتها الدعائية بل ويضطر الوفد الفرنسي الاستعماري إلى الانسحاب صاغرا من أروقة الأمم المتحدة.
الأكيد أن الشعب الصحراوي استطاع أن يفرض وجوده على العالم، عالم أصبحت قناعته تزداد يوما بعد آخر أن هناك مشكلة يجب حلها وشعب لديه قضية عادلة يقف ورائها ولم تعد الجمهورية الصحراوية مجرد حلم يرتسم في الأذهان، ولكنها واقع ملموس، فالدولة الصحراوية هي موجودة اليوم بمؤسساتها وهياكلها من رئاسة الجمهورية إلى رئاسة البلدية وما المشاركة الدولية الواسعة في إحياء الذكرى الـ40 لإعلان الجمهورية العربية الصحراوية، وكل تلك الوفود التي تدفقت على المخيمات الصحراوية للمشاركة في هذه الاحتفالات إلا تأكيد على أن التحدي تم رفعه وأن القضية الصحراوية واقع وليس من صنيعة أحد كما يدعي المخزن، ومن لديه أدنى شك في ذلك ما عليه إلا إعطاء الفرصة لهذا للشعب الصحراوي ليعبّر عن رأيه في استفتاء حر ونزيه لتقرير مصيره، ولكن هذا خيار يخيف الكثير كما يبدو !.   

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024