لا يخفى أن القطاع الاقتصادي العمومي لا يزال يمثل الحلقة القوية في تحقيق النمو وبعث الحركية الاقتصادية، بالنظر إلى قدراته الإنتاجية وكفاءاته البشرية، وصموده الصلب في وجه شراسة صراع الأسواق وتأثيرات العولمة، حيث بقي يتحمل مسؤولية التنمية الوطنية في مناخ دولي صعب بمؤشراته السلبية، ولا يجب أن يغفل عن جوانب القوة لنسيج هذه المنظومة الاقتصادية، واستغلالها بالشكل الجيد وتوجيهها بشكل يعيد الاعتبار للمنتوج الوطني وللصادرات المحلية.
ومن بين ما يتمتّع به القطاع الاقتصادي العمومي الذي يتطلّب التثمين والترقية، رصيده المعتبر من المكاسب من تجربة في الأداء وامتلاكه لموارد بشرية ذات جودة وسوق مفتوحة إلى جانب دعم الدولة المستمر له، لذا يجب السير نحو امتصاص كل العوامل التي من شأنها أن تضعف من فعالية هذا النسيج العمومي الذي يتوفر على جميع مقومات النهوض والبروز حتى على مستويات الأسواق الخارجية، لأنه مازال نوعا ما يعاني من التأخر في تحقيق المطابقة مع المعايير التنافسية، يضاف إليها فخّ البيروقراطية الذي يحاصره مع ثقل الوصاية، وضعف في قراءة الأسواق الخارجية، هذا من جهة ومن جهة أخرى كثيرا ما يتأثر هذا القطاع الاستراتيجي بذهنية الاتكالية على موارد النفط، واستفادته المستمرة من التطهير المالي. لكن في هذه المرحلة يمكن لهذا القطاع الاقتصادي أن يلعب دوره كما ينبغي خاصة على صعيد إنتاج الثروة وتوفير مناصب الشغل، من خلال الانطلاق في إرساء برامج استثمارية واسعة ترتكز على الذهنية «المناجريالية» التي تتفجر من قوة فعل المبادرة وروح المخاطرة، خاصة أن المناخ اليوم يميل لصالح المؤسسة الاقتصادية العمومية من خلال ما تجسد من العديد من المبادرات من بينها تشجيع الإنتاج والأولوية لاستهلاك المنتوج الجزائري، وكبح الواردات، ورفع فعل التجريم عن المسير. إذا جميع عوامل النجاح متوفرة ويمكن أن يؤخذ بها حتى تتجسد الانطلاقة، وتكون المؤسسة العمومية قاطرة للنمو بمعية المؤسسة الخاصة، فلا يمكن أن يفصل بينهما والنجاح يجب أن تحقّقه المؤسستين في ظرف اقتصادي واجتماعي، يستحق منها البرهنة على فعاليتها ومواطنتها..فهل ستكون الانطلاقة الصحيحة في هذه المرحلة التي تفضي إلى تجسيد الطموحات الاقتصادية التي تمثل انشغال جميع الشركاء.