قرار سياسي تاريخي

جمال أوكيلي
23 فيفري 2016

قرار استرجاع السيادة على المحروقات في بداية السبعينات، هو تتويج لكل ماورد من التزامات وطنية في المواثيق الأساسية للثورة الجزائرية، وهذا منذ البيان التاريخي لأول نوفمبر إلى غاية الإعلان الرسمي عن استكمال الإشراف المباشر على الثروات الاستراتيجية العمود الفقري للاقتصاد الفتي خلال مرحلة مابعد الاستقلال.
وبعملية حسابية بسيطة، فإن عمر بلدنا آنذاك لم يتجاوز ٩ سنوات من خروجها من حرب ضروس ضد استعمار استمر في استغلال البترول وغيره بشكل فوضوي كما على القيادة السياسية أن تضع حدا لهذا النهب الممنهج والخارج عن اطار القوانين المعمول بها خاصة ماتعلق بالعائدات.
ومما زاد في التحمس والذهاب الى هذا الموقف المشهود هو السياق الدولي الذي عرف آنذاك موجة من التحرر في كامل القارات تركزت على تعزيز أكثر مكانة هذه البلدان على مستوى العلاقات الدولية، دشن هذا العهد الزعيم مصدق خلال بداية الخمسينات بتأميم نفط بلده إيران إلا أن ذلك كلفه حياته.
وهكذا فإن ما استعاده الجزائريون بالدم والدموع خلال ٧ سنوات من الكفاح بإنجاز سياسي باهر، إتضح فيما بعد بأنه لابد من تدعيم ذلك بالفعل الاقتصادي لاحداث ذلك التكامل في بناء منظومة سياسية اقتصادية متناسقة في أبعادها وكذلك في أهدافها المرجوة.
وأُعتبر البترول آنذاك ركيزة أساسية في مداخيل البلد إنطلاقا من المواعيد التي تنتظر الجميع وبداية من السبعينات دخلت الجزائر في منطق جديد وهذا باعتماد المخططات التنموية والثروات الـ٣ (الزرعية، الصناعية، الثقافية) وكذلك إحداث اللامركزية والبرامج الخاصة للولايات.
هذا التوجه الجديد في الجزائر هو نتاج إيمان عميق بضرورة خوض هذا المسار مهما كان الثمن كون الاستعمار كسر البنية التحتية للقدرات الإقتصادية الجزائرية وعليه فإن الخيار المتبقى هو إعادة إعمار البلد وهذا بتجنيد كل الثروات والكفاءات القادرة على رفع هذا التحدي في الوقت المناسب والمضي قدما باتجاه جزائر صاحبة القرار.
ففترة قياسية تمت كل الترتيبات القانونية لتحويل وتثبيت المسؤولية الجزائرية على ثرواتها وهكذا انطلقت مشاريع ضخمة ماتزال شاهدة على ذلك كالمركبات في حاسي مسعود، وسكيكدة وأرزيو، حاسي الرمل، الحجار، سوماكوم، ومصانع أخرى عملت على إمتصاص اليد العاملة بتوفير مناصب عمل دائمة وكذلك التفكير في إشباع السوق الوطنية، والتصدير وتوازى ذلك مع نشاط مكثف في المجال الزراعي.
هذه المداخيل كان توجهها التنمية الوطنية الشاملة من أجل تغيير وجه الجزائر مابعد مرحلة الاستعمار وهذا ماحدث بالفعل عندما تحولت إلى ورشة للبناء والتشييد عبر كامل الولايات واضعة الإنسان والمورد البشري في أولوية الأولويات وفي سلم الاهتمامات وبفضلل هذه النظرة البعيدة المدى أصبحت الجزائر تملك قاعدة صناعية في حاجة إلى تعديلات وتصحيحات فقط.
وبعد كل هذه الفترة الطويلة من التأميمات تعمل الجزائر جاهدة من أجل الاستغلال الأمثل لثرواتها الوطنية وعلى رأسها البترول.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024