تجتاز التوازنات المالية مرحلة حرجة جراء تداعيات انهيار أسعار المحروقات. غير أن الظرف، على ما يحمله من تحديات، يفرض الانتقال إلى مستوى أكثر نجاعة في إنجاز الأهداف الاقتصادية الوطنية الكبرى، من خلال إدراج كافة الإمكانات وتجنيد كل الوسائل في بناء التحول من تبعية مرهقة للنفط إلى اقتصاد إنتاجي ومتنوع تكون فيه المؤسسة الجزائرية المحرك والقاطرة.
لم يعد هناك وقت كاف للبقاء في دوامة التشخيص والبحث عن بدائل، بينما يقتضي الظرف الانتقال إلى الفعالية وترجمة التطلعات في الميدان، من خلال توظيف كل الموارد المتاحة بما فيها المحلية، حيث تتوافر قدرات استثمارية ذات جدوى في مجالات الفلاحة والسياحة والصناعة التحويلية.
وعلى غرار المؤسسة الاقتصادية، ينتظر في هذا المجال أن تضاعف الجماعات المحلية من ادعائها في الميدان بالانفتاح على المحيط من أجل اقتناص مشاريع استثمارية عن طريق القيام، في إطار من الشفافية التامة، بعمل جواري تجاه عالم الأعمال والاستثمار يرتكز على برامج دقيقة لا تحدّها بيروقراطية ولا تكبّلها عراقيل لطالما اشتكى منها المتعاملون وأصحاب المشاريع.
في هذا الإطار، جاء التغيير الإداري الأخير الذي أفضى إلى إحداث ولايات منتدبة جديدة في الجنوب والهضاب العليا، حيث أصبح المناخ ملائما لإطلاق استثمارات مضمونة الربح في تلك القطاعات الحيوية التي يراهن عليها في تعويض الخسائر المترتبة عن انهيار أسعار النفط أو بعض منها على الأقل، خاصة وأن كافة المتطلبات متوفرة وذات تنافسية من تربة صالحة وفضاءات سياحية فريدة وموارد بشرية مؤهلة.
وحتى إن كانت هناك بعض المبادرات المحلية المتواضعة، فإن الظرف يتطلب مضاعفة وتيرة العمل، بنزول الولاة إلى الميدان لإحداث الوثبة المرتقبة قصد الرفع من القدرات الوطنية في تلبية الاحتياجات والتقليص من استيرادها، في ظل مؤشرات مشجعة تعززها مكاسب تحققت على صعيد مكافحة البيروقراطية بفضل إدخال التكنولوجيات الجديدة وتحقيق تقدم في بناء الإدارة الإلكترونية بأبعادها الاقتصادية.
