شكل مصادقة البرلمان بغرفتيه على دستور 2016 الحدث البارز في الحياة السياسية للجزائر، كونه ثمار الإصلاحات التي بادر بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة ضمن التزامات ووعود جسّدها على أرض الواقع، غايتها تعزيز دولة المؤسسات والحق والقانون. دولة حريصة على أن تكون لها مكانة في الخارطة الجيو استراتيجية الدولية المتغيرة قوية بثوابتها وعناصر هويتها الوطنية وديمقراطيتها التي تبنى باستقلالية قرار وسيادة تراعي الحقوق والحريات الأساسية، فردية كانت أم جماعية.
بعد المصادقة على الدستور في اليوم المشهود، مرحلة جديدة فتحت وأجندة مكثفة شرع فيها تحضيرا للقوانين العضوية التي تعطي إجابة شافية عن تساؤلات تخص كيفيات تطبيق مواد وآليات تجسيد اقتراحات وحلول تترجم وثيقة أسمى القوانين إلى جملة من النصوص العضوية يكون البرلمان فضاء لها في أجواء توافقية ناشدها أعضاء الغرفة التشريعية ونادت بها مختلف الأطياف والحساسيات أثناء المشاورات حول التعديل الدستوري وبعد المصادقة عليه.
بعد المصادقة عهد جديد بدأ يستدعي من مختلف مكونات الأمة، نخبها وطبقتها السياسية وممثلي المجتمع المدني، الاندماج في هذه الصيرورة وتحمّل مسؤولية البناء الوطني حفاظا على ما تحقق من إنجاز تاريخي وما تجسد من مكاسب حملها الدستور الجديد لجزائر غيورة على بناء نفسها بنفسها اعتمادا على أبنائها وتشكيلاتها. جزائر زادتها وثيقة مصدر القوانين قوة ومتانة وعززت أمنها واستقرارها في محيط إقليمي ودولي مضطرب.
أكبر تحدّ يجب رفعه في ظل العهد الجديد، العمل ما في المقدرة من أجل تنويع الاقتصاد الوطني والتقليل من التبعية المفرطة للمحروقات بإعادة تفعيل المؤسسات المصغرة مولدة الثروة الدائمة والتشغيل الآمن والإنتاج الحقيقي.
أكبر تحدّ، خروج الجماعات المحلية إلى الميدان والتكفل بانشغالات المواطنين وإشراكهم في المشاريع والبرامح مثلما شدد عليه رئيس الجمهورية في أكثر من اجتماع وأعطى تعليمات صارمة، لاسيما لرؤساء البلديات الذين لم يستغلوا الصلاحيات الموسعة الممنوحة لهم، جاعلة منهم شركاء في البناء بدل البزنسة في العقار والصفقات ونهب المال العام والانفراد بالقرار وما أفرزه من أخطار أدت إلى انسداد في الكثير من المجالس البلدية وتعطيل المشاريع.