زرع ثقافة العمل عبر سياسات التقاعد

أمين بلعمري
08 فيفري 2016

ليس هناك أدنى شك أن معاشات التقاعد هي الضامن الوحيد في العيش الكريم لفئة أفنت نصف عمرها في إعالة أسرها وخدمة وطنها، وهي تستحق بذلك رعاية خاصة تغنيها عن الآخرين ماليا، خاصة وأن المجتمعات أصبحت تتوجّه نحو الفردية والانشطار العائلي والتفكك الأسري، ما أدى إلى تراجع رهيب تقاليد التكافل الاجتماعي التي كانت من أبرز مميزات المجتمع الجزائري.
إن هذا الوضع لا يمكن مواجهته إلا بسياسات اجتماعية رشيدة وفعّالة تحفظ لكل مواطن جزائري كرامته، سواء كان في سن الشباب، الكهولة أو الشيخوخة، خاصة وأن هذه المرحلة من المفروض أن تكون المرحلة التي يقطف فيها المواطن ثمار ما زرعه على مدار مساره المهني من اشتراكات ومساهمات في صناديق التقاعد، التي يقع على عاتقها تسيير هذه الأموال وإيصالها إلى مستحقيها أو إلى كل من لديهم الحق في ذلك، وهذا هو لب المسألة التي يجب أن يعرفها كل جزائري وهي أن مشاركته في هذا الصندوق هي السبيل الأمثل للمساهمة في حفظ كرامة مواطنيه، لكن يصيبنا شيء من الارتباك عندما ندرك أن هناك ثلاثة جزائريين يدفعون من خلال اشتراكاتهم في هذا الصندوق معاش متقاعد واحد وبهذا يتبيّن أن هناك خللا ما، لأنّنا من المفروض نعيش في مجتمع أغلبيته شباب، وأن الفئات الناشطة تفوق بكثير الفئات المحالة على التقاعد بكل الصيغ الموجودة  والمقدر عددها بحوالي 3 ملايين مستفيد.
يبدو أن الرهان الحقيقي اليوم يكمن في كيفية إدماج كل الجزائريين في هذه الديناميكية، وتحسيس الشباب بأهمية هذا الجانب، خاصة وأن الكثير منهم لا يعطون الأهمية اللازمة لهذا الجانب وهذا لا يعني تحمليهم وزر هذا الخطأ الذي لا يشعرون بنتائجه إلاّ بعد فوات الأوان، وهنا تتقاطع المسؤوليات والأكبر منها تقع على عاتق الدولة التي عليها أن تبذل المزيد من أجل إرغام كل المؤسسات - تحت طائلة القانون - مهما كان عدد عمالها على تسوية وضعياتهم وضمان حقوقهم الاجتماعية، ومن بينها الحق في الحصول على منحة تقاعدية تتوج مساره المهني المقدر بـ 32 سنة كاملة من الخدمة، وهذا بالإضافة إلى الجانب التوعوي التحسيسي، الذي لا يقع على عاتق الدولة وحدها ولكن على وسائل الإعلام والمجتمع المدني بكل حساسياته كذلك في التأسيس لحملة واسعة تجعل من صناديق التقاعد أكثر من مجرد مراكز لدفع المعاشات لمستحقيها ولكن أداة أساسية من أدوات التنمية الاجتماعية الشاملة في الجزائر يمكنها المساهمة في حصول المواطن على حياة كريمة، وهذه أكبر رسالة نوجهها إلى الشباب لنبين  له القيمة الاجتماعية للعمل ونزرع فيهم هذه الثقافة، وبهذه الطريقة يمكننا أن نضاعف أعداد العمال الناشطين الذين يشاركون في هذه الصناديق ولم لا الوصول مستقبلا إلى 10 مشاركين مقابل متقاعد واحد وليس 3 فقط كما هو عليه الحال في يومنا هذا.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024