تغيّرت أشياء كثيرة في كرة القدم الجزائرية في المدة الأخيرة من حيث رؤية اللاعبين والمدربين لعملهم ومهمّتهم فوق الميدان، وارتسمت هذه التغييرات على المستوى المقدم من طرف الأندية الجزائرية في المقابلات.
فقد أصبحت تصريحات “من يصنعوا الفرجة في الميدان” بعيدة كل البعد عن أبجديات كرة القدم من خلال قولهم في كل مناسبة ما يلي: “المهم النتيجة ولا تهمّنا الطريقة”، أو “الفرجة لا تضمن النتيجة”، فقد تمّ تغيير كل معاني كرة القدم التي تحتاج للعب وذكاء وامكانيات فنية التي تجلب المناصر والمشاهد للاستمتاع بفنيات الكرة،
وليس الجري وراء النتائج التي تؤدي دائما إلى أضعاف منطق الكرة.
فكم من مرّة نشاهد عبر البطولات العالمية الكبرى أنّ فريقا لم يتمكن من الفوز بمباراة، لكنه أدى مردودا فنيا كبيرا يخرج لاعبوه تحت تصفيقات الجمهور الذي قدم لرؤية الفنيات قبل أن يأتي إلى مدرجات الملعب للتأكد عن نتيجة مباراة.
المسيّرون في أغلب أنديتنا يسعون دائما إلى إرضاء “الجمهور” بالنتائج، ولا تعني الطريقة أي شيء بالنسبة لهم، لأن الترتيب هو الذي يهم للوصول الى الأهداف التي أصبحت رقمية أكثر من أنها فنية، حتى أن الفرق التي تعطي الأهمية للعب الفني في المقام الأول أصبحت قليلة جدا وغير معنية في غالب الأحيان في التنافس على الألقاب.
وبما أنّ الأغلبية من الفرق المشكلة للنخبة الوطنية “تفكّر بمنطق النتيجة قبل الأداء”، فإنّ مستوى كرتنا في تدنّي مستمر لأنّ “المبادرة” عند اللاعب غير موجودة لتقديم “الفرجة”، ولا يمكننا رؤية لاعبين بارزين لأنّ تكوينهم مرتكز على تجنب الهزيمة في المقام الأول وتجنب “الابداع” إلى درجة أنّ اللاعب المحلي قليلا ما نراه أساسيا في المنتخب الوطني الأول لأنّه لا يظهر بشكل موفق في الأندية التي “تجري” وراء النتيجة لتفادي السقوط. وخير دليل أنّ منافسة الموسم الماضي قدّمت صورة فريدة من نوعها في تاريخ البطولة الوطنية عندما كانت كل الفرق تقريبا معنية بالسّقوط لأنّها كانت كلها تلعب من أجل تفادي الهزيمة، وليس للفوز بالمباريات للأسف.