مجبرون نحن على خوض عالم الترجمة، للغوص في متاهاتها المذهلة، نكتشف الآخر، من خلال عاداته، تقاليده، نفتت أفكاره، نقرأه بنظرتنا دون ماكياج، ولا ألوان ولا مساحيق باهتة.
كيف يمكننا الترويج لموروثنا الإنساني والفكري والأدبي والعلمي والثقافي بعيدا عن الترجمة، فهذه الأخيرة هي المرآة التي يقرأ من خلالها الآخر كل ما يتعلق بحضارتنا وتاريخنا، وأمجادنا.
الترويج مرتبط بحماية أنفسنا من الغياب والتغيب تحت ظل عالم يكبر باستمرار ليصير قرية صغيرة، تغيب فيها الحدود والأوهام.
هذا التواجد يجبرنا على بعث ونشر وترجمة أفكارنا وإبداعاتنا، حتى نتمكن من كسب مكانة في سماء التكنولوجيا والثورة المعرفية.
ما يقارب الألف عنوان في مختلف المجالات تصدر دوريا عن دور نشر وطنية، ناهيك عن الأعمال الأدبية في مختلف الأجناس التي تسعى وزارة الثقافة طبعها ونشرها عن طريق صندوق دعم الابداع وهو الطريق نفسه تقوم به وزارة المجاهدين من خلال مركزها للدراسات التاريخية، في طبع وترجمة كل ما له علاقة بتاريخ الثورة التحريرية وثورة أول نوفمبر ١٩٥٤.
تتوفر جامعاتنا على معاهد متخصصة في الترجمة بكل اللغات، ولكننا في الميدان لا نجد إلا غثاء السيل، وطريق محتشم، تغيب فيه المبادرة والمساهمة، وحتى البصمة. فأين نحن من هذا الزخم الكبير من المتخرجين سنويا من هذه الجامعات والمعاهد.؟
أين هو دور المعهد العالي للترجمة من هذا الطابور الكبير من الأعمال التي تنتظر دورها لتكون سفيرة اللغة والجغرافيا.؟
صحيح الترجمة ليست بالعملية السهلة، خاصة إذا تعلق الأمر بترجمة أعمال أدبية دون غيرها من الأعمال الأخرى، أو ما تعلق منها بحضور روح النص، التي يتطلب فيها الأمر قوة إبداعية ومُلكة في التفكير والتجاوز، حتى لا يفقد العمل المترجم رونقه ومعناه وجمالياته.
هذا لا ينفي أن هناك مبادرات فردية وإن كانت محتشمة، خاض أصحابها تجربة المغامرة، فكانت بصدق تجارب نموذجية وفنية في غاية الابداع، نثمنها ونشَّد بها، لأنها تحمل إضافة ابداعية لمشهدنا الثقافي والفكري وهي صمام الأمان للولوج إلى أفكار ومعرفة الآخر.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.