جرأة المؤسّسة الخاصة

فضيلة بودريش
30 جانفي 2016

بات الظّرف المالي الحالي وجميع المؤشّرات يحتّم على المنظومة الاقتصادية تجنيد الوسائل التي يشق بها الاقتصاد الوطني سلم النمو، وليتقدّم بخطوات محسوسة نحو المزيد من التطور وتعزيز قدرات العرض في السوق، وبما أنّ القطاع الخاص يشكّل نسيجا معتبرا إلى جانب المؤسسة العمومية، صار اليوم مطالبا بتجاوز جميع خلافاته، على اعتبار أنّ تداعيات الأزمة المالية الناتجة عن الصدمة الخارجية لانهيار أسعار الذهب الأسود على المديين المتوسط والبعيد سوف تعصف بكل المنظومة الاقتصادية إذا لم يبادر شركاؤها وفي الصدارة القطاع الوطني الخاص، بإنجاز مشروع التحول الفعلي إلى اقتصاد إنتاجي ومتنوع، على اعتبار أن للقطاع الخاص إمكانيات لا يمكن الاستهانة بها، لكنها للأسف مازالت نوعا ما مبعثرة ولم تجند بالشكل المطلوب وحسب ما يحتاجه الظرف الحالي. ودون شك يمكن للتشخيص الدقيق أن يصحّح أي اختلال يقف عقبة في وجه النهضة التنموية، لذا الوقوف على نقاط قوة وضعف الآلة الإنتاجية الخاصة، من شأنه أن يسرع الانطلاقة للتحرر الفعلي من قبضة الاعتماد على إيرادات النفط بالشكل الصحيح، من خلال إنتاج وثروة بديلة لا تنفذ، مع استمرار تثمين قيمة العمل وجهد السواعد، وجدية وصواب الأفكار.
وفي الوقت الحالي، المؤسسة الخاصة مطالبة بتجاوز كل العوامل التي تتسبب في إبقائها في وضع هش، حيث باستطاعتها أن تجمع وتجنّد امكانياتها المبعثرة، ومن ثم السير نحو مرحلة أخرى من الانفتاح كون المؤسسات الخاصة العديد منها يصنف ضمن المؤسسات العائلية والبعض منها حتى لا نقول أغلبها، مازالت تميل في بعض الأحيان إلى السوق الموازية، مثل فيما يتعلق بالعملة الصعبة وما إلى غير ذلك، متحمّلة أخطار هذه السوق غير الرسمية التي قد تؤثر على نجاعة مسارها وسمعتها، وكذا النصب عليها من طرف السوق الموازي وارد في جميع الاحتمالات. وتحتاج هذه المؤسسة إلى إصرار لتتدارك التأخر في الانفتاح على الجامعات، وربط مخبر إنتاجها بجديد التكنولوجيات الحديثة. وحتى لا نغفل عن نقاط قوة المؤسسة الوطنية الخاصة والتأكيد على أهمية تثمينها، لا يمكن إخفاء قوة تسيير ونجاعة “المناجمت” الذي يكسبها مرونة، ويشهد لها بذلك مع تمتعها بهامش حرية معتبر في ولوج الأسواق الخارجية دون عقدة خوف.
وما ينتظر المؤسسة الوطنية الخاصة من مساهمة معتبرة وجريئة في معركة التنوع الاقتصادي، يفرض عليها القطيعة مع التردد في ولوج عالم الاستثمار الثقيل، وخوض مجال إنجاز المشاريع الضخمة حتى تسبق المستثمر الاجنبي، الذي صار ينجذب كثيرا للسوق الاستثمارية الجزائرية التي مازالت خصبة وغير مستغلة، على الأقل يجب أن تغتنم الفرصة قبل آفاق عام 2020، على اعتبار أنها سنة الانفتاح على الخارج والاستجابة لمتطلبات وشروط منظمة التجارة العالمية. ومن بين الحلول المتاحة والحتمية التي تسمح بالانتعاش، وتحقق القفزة الانتاجية إعادة انتشار القطاع الخاص بشكل كثيف وعميق عن طريق بناء شراكات مع القطاع العمومي الذي يملك تجربة وقاعدة صناعية، خاصة أن مشروع تعديل الدستور لم يفوّت الفرصة، حيث كرّس بوضوح القضاء على أي تمييز بين مؤسسة عمومية ونظيرتها الخاصة، باعتبارها مؤسسة جزائرية استثمارية تنتج الثروة لديها نفس الحقوق والواجبات من تحفيزات وتسهيلات ودعم، على أن تخلق الثروة وتمتص البطالة وتقدم منتوج عالي الجودة، إذا ينتظر من المؤسسة الخاصة جرأة لتجاوز مرحلة الظرف المالي والاقتصادي الراهن.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024