لاشك أن المقترحات التي جاءت في المشروع التمهيدي لمراجعة الدستور، هي دفعة قوية لتعزيز الهوية الوطنية وتقوية اللحمة الجزائرية ذات البعد العربي الأمازيغي، فجعلَها الدستور في أهم التعديلات المقدمة للمراجعة.
باعتبار الجزائر مشتله غنية بموروثها المادي واللامادي، المتنوع والحامل لتعدد الحضارات والثقافات، تحمل هذه الفسيفساء دلالة تنوعها، فجاءت النصوص لتحميها، من كل ما يمكن أن تتعرض له، سواء عن طريق السرقة أو التقليد أو التزوير أو غيرها من الممارسات، التي قد تعرضها للتلف والاندثار، قنّنتها المنظومة في مواد معينة، تحمل في جعبتها كل شيء.
الجزائر وعبر كل ربوعها، هي ورشة مفتوحة لما تحتويه من كنوز، يجب المحافظة عليها وحمايتها، حتى نظل نحمي واجهتنا الثقافية وهويتنا ومرجعيتنا.
إن ما يحدث في بعض البلدان الصديقة والشقيقة لأمر يأسف له، ويندى له الجبين، فبعد إغراقها في الدماء، تم نهب كل موروثاتها وأثارها المنقولة وتحطيم غيرها، مما لم يتسن للغرب أخذه، فأصبحت تلك الكنوز الثمينة، تعرض في سوق النخاسة وكأنها وصمة عار تبرّأ منها أصحابها عنوة.
بقدر ما نحافظ على هذا الموروث، فنحن نضفي جانب الالتفاف على هذا الزخم الثقافي الكبير، والممتد في أبجديات الحياة، وفي أسس بناء المجتمع، الذي ظلّ يقاوم كل المتغيرات السالبة لمرجعيته، ولثقافته الموروثة منذ القرون الأولى، وحتى لما حاولت فرنسا الاستعمارية طمسها وانسلاخ أبنائها عن وطنهم الأم.
الثقافة بكل ما تحمله من مفاهيم متنوعة، فهي عقيدة الشعوب التي تقاوم ضد الانسلاخ وضد التبعية.