محطة أخرى نقف عندها، نعيد تفاصيلها، نستذكرها في عيدها الثالث، نسجل من خلالها بعض دروس اللحمة والتحدي، وصمود الأبطال، في موقعة تيڤنتورين.. وجع في صحراءنا يصنع مجد الجزائر وعزها، يقاوم قسوة الطبيعة، وغربة المكان،.. يصنع من عزلته البعيدة في الأقاصي، صورة تاريخية، تتحدث عنها الدول، وترسم من خطة دفاعها ومقاومتها، مجدا ليس بالسهولة بمكان أن تحتضنته مدراس وكليات الأمم الكبرى. فهي ضربة قاصمة في عرين الإرهاب.
ثلاث سنوات تمر على ملحمة تيڤنتورين، قدم فيها أبطال جيشنا الوطني الشعبي وتشكيلاته الأمنية أكبر مقاومة في التصدي للإرهاب والجريمة بكل أشكالها، فارضين منطق التجربة والحنكة محررين الرهائن في ظروف يمكن القول أنها لم تكن مناسبة، بل أنها أقل حدة، من حيث المكان والظروف وعدد الرهائن المحتجزين، وما تمثله المنشأة النفطية من قيمة اقتصادية كبيرة على المستوىين المحلي والإقليمي..
إبتزاز الرهائن كانت ورقة أخيرة حاول عناصر التنظيم الإرهابي لعبها خارج الوقت الضائع من المأساة، فكانت أجندة قراءتهم هذه المرة أمام جيش لا يفاوض ولا يساوم، عكس ما يفعل البعض من دفع الفدية والتفاوض، وهو الأمر الذي لا مكان له في قاموس المؤسسة العسكرية، فجاءت النتيجة بأقل تكلفة في الضحايا، دون تسجيل خسائر مادية كادت تعصف بأكبر مجمع للغاز في الوطن.
ملحمة تيڤنتورين أسقطت كل القراءات الخاطئة التي روجت لها صحافة العار وأتباعها، مشككة في قدراتنا، مطالبة المجتمع الدولي للتحرك ضد الهجمة الشرسة التي تعرض لها العمال الأجانب، وإن كانت قراءاتها صيدا في المياه العكرة، فهي تعبير عن سموم مدسوسة، غير مهنية، تجاه وضع لا يشق غباره، إلا أبناء الشعاب والصحراء أحفاد الأبطال ، سلالة جيش التحرير الوطني .
سيذكر التاريخ ، ولسوف تدرك الأمم الأخرى أن التحديات التي رفعها أبطال جيشنا على أكثر من صعيد قوامها التكوين، ثم الرد دون هوادة على كل من تسوّل له نفسه المساس بوحدة الوطن، وبمؤسساته فصناعة جيش عصري يواكب التطورات الحاصلة في العالم، هي المهام التي راعتها الجهات المسؤولة سواء على مستوى الميدان أو في المنشآت العسكرية المختلفة، ليبقى انسجاما مع سياسة الدفاع الوطني لتعزيز ركائز مقوماته الأساسية التي تحرص الجزائر على تجسيدها في الميدان.