بصفتها دولة عضواً في منظمة الأمم المتحدة، تلتزم الجزائر بعدم المساس بسيادة حرية أية دولة كما نصت عليه المادة ٢٦ من المشروع لمراجعة الدستور.
إضافة إلى بذلها كل الجهود للمساهمة في تسوية الخلافات الدولية بالوسائل السلمية.
هذا ما يؤكد مساعي الجزائر في حل أزمات مختلفة سياسيا، كأزمتي ليبيا ومالي، بعيدا عن تموقع ظرفي، مهما كان، بل نابع من مبادئ ثابتة نصت عليها الدساتير السابقة.
إن هذا السلوك الخارجي المتوازن والثابت للجمهورية الجزائرية على مدار ٥٤ سنة، تبدو عليه بصمة ثورة نوفمبر المجيدة بكل وضوح. وفي هذا الصدد جاءت المادة ٢٧ من هذا المشروع لتجدد تضامن الجزائر مع جميع الشعوب المستضعفة.
تأتي في هذا السياق القضيتان الصحراوية والفلسطينية اللتان لن يتغير موقف الجزائر تجاههما، وهذا ما يترجم بإخلاص محتوى المادة ٢٧ من المشروع للدستور غير القابل لأي اجتهاد أو تأويل في هذا الشأن.
يعتبر مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، إحدى الركائز التي تقوم عليها السياسة الخارجية الجزائرية، وإن كان هذا لا يعني الانعزال والتقوقع على الذات ولكن التفاعل بإيجابية عبر التأسيس لعلاقات تعاون دولية قائمة على مبدإ المساواة ومراعاة المصالح المتبادلة، وهذا التوجه نصت عليه مجددا المادة ٢٨ التي تضمنها مشروع التعديل ومن خلال هذا تؤكد الجزائر للمجتمع الدولي أن مبدأ عدم التدخل الذي تنادي به، لا يعني مطلقا التفرج على مآسي الآخرين أو التعاطي بسلبية مع الأزمات والمعضلات الدولية وفق مقولة «اتركوهم ينضجون بدمائهم»، لكن التدخل من وجهة النظر الجزائرية هو إعطاء الشعوب فرصة أكبر لحل أزماتها بنفسها، لتكريس حلول نابعة من الداخل، تؤسس لسلام مستدام وليس حلولا مفروضة من الخارج تهدد وحدة الشعوب وتخلّ بالتوازنات الاجتماعية داخلها.
الأكيد أن هذه المواد التي تضمّنها المشروع لمراجعة الدستور تحمل الرد الشافي الكافي على كل محاولات إقحام الجزائر عسكريا في مستنقعات خارجية تحت مسميات وعناوين مختلفة وهو الموقف الثابت والقار لسياسة الجزائر الخارجية.