أيام قليلة تفصل إفريقيا الوسطى عن استعادة حياة سياسية طبيعية، بانتخاب رئيس جديد يعيد الشرعية للمؤسسات ويطوي الصفحة الأليمة التي دخلتها منذ الإطاحة بفرنسوا بوزيزي سنة 2013.
التحدي الأكبر الذي ينتظر القيادة الجديدة، ليس استعادة الهدوء وبناء ما دمرته الحرب، فهو يتعدى ذلك إلى التعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين، إثر الفجوة العميقة التي حدثت قبل عامين إثر أعمال العنف وجرائم صنّفت في خانة الإبادة العرقية.
على الرئيس المقبل، مهما كانت ديانته أو عقيدته أو توجهه الفكري، أن يبذل ما بوسعه ليعيد جميع السكان إلى أحيائهم المختلطة، وإزالة الحساسيات والأحقاد الدفينة التي ولدتها السياسة والصراع على كرسي الحكم.
هناك خوف وتوجس من قبل مسلمي إفريقيا الوسطى، من تمييز محتمل أو تهميش أو استمرار المفاضلة في توزيع الثروة، لكن المصلحة العليا للبلاد تقتضي الهدوء، وواجب ممارسة المسؤولية يلزم القادة على المساواة والاستفادة من التجارب الماضية وعدم العودة إلى الوراء.
قبل حوالي سنة ونصف، حاورت «الشعب» أول متعامل اقتصادي خاص في إفريقيا الوسطى، يوفون كاماش، الذي أكد حينها أن لبلاده كامل القدرات لإحداث نهضة تنموية من موارد بشرية وطبيعية، ولا يحتاجون سوى لاستعادة الهدوء والاستقرار.
وإحداث التنمية المنشودة ممكن جدا، شرط مشاركة جميع أبناء الوطن الواحد، واشتغالهم وفق مبدإ تكافؤ الفرص والمساواة والقضاء على سياسة الإقصاء والتمييز العرقي والديني.
من المهم جدا لإفريقيا وللقارة ككل، أن تتوج الفترة الانتقالية بنجاح حقيقي يستخلص منها القادة السياسيون والشعب دروسا وعبرا، يستطيعون من خلالها التأسيس لعقود من الاستقرار.