الإرهاب، اليمين المتطرف والجمهورية الخامسة..

أمين بلعمري
09 جانفي 2016

يشارك مسلمو فرنسا في إحياء الذكرى الأولى لاعتداءات “شارلي ايبدو”، بتظاهرة الأبواب المفتوحة على مساجد باريس، التي تحمل شعار “شاي الأخوة”، في التفاتة يثبت من خلالها أنهم مواطنون بحصة كاملة، يتألمون لجراح بلادهم، كما يتألم كل مواطن فرنسي آخر يؤمن بمبادئ الجمهورية، التي يجب أن تسع الجميع وتقف على المسافة نفسها منهم، بغض النظر عن الدين والمعتقد والعادات والتقاليد...الخ جمهورية من المفروض أن لا يكون من حق أي كان فيها أن يعتبر نفسه مواطنا فوق العادة، ويعطي لنفسه الحق في أن يقرر من هو مواطن فرنسي ومن هو غير ذلك لمجرد الشبهة أو اللجوء إلى عمليات الإسقاط المجحفة، بإلصاق كل ما هو إرهاب وعنف بالمسلمين كما يحصل في كل مرة تشهد فيها الأراضي الفرنسية اعتداءات إرهابية مقيتة، تودي بحياة الأبرياء، ومن بين أولئك مسلمون ذهبوا ضحايا تلك الاعتداءات الجبانة التي تنكرها الأديان بل الإنسانية جمعاء.
إن ذكرى الاعتداءات على الأسبوعية الساخرة «شارلي ايبدو» وسط باريس في مثل هذا الشهر من السنة الماضية، يجب أن تشكل محطة مصالحة بين مختلف مكونات المجتمع الفرنسي وغلق الباب أمام كل المتطرفين الذين يحاولون ركوب أمواج السياسة والانتخابات في مناورة من الخطأ الاعتقاد أنها تستهدف مسلمي فرنسا وحدهم، بل أصبحت مصدر تهديد للانسجام المجتمعي الفرنسي، الذي يعرف أحلك أيامه منذ تأسيس الجمهورية الخامسة، إلى درجة ظهرت معها علامات واضحة تهدد باندلاع حرب أهلية في فرنسا، كل توابلها موجودة، وإن لم يضع الشعب الفرنسي حدا لتصرفات غلاة اليمين المتطرف ولخطابهم غير المسؤول، الذي يزرع الكراهية ويعمل على توسيع الهوة بين مكونات الشعب الواحد، فإن عواقب ذلك لن تكون محمودة.
لا يمكن أن تظل عقدة الإحساس بالذنب تلاحق المسلم الفرنسي وتذكيره في كل مرة أنه مجبر على تقديم الاعتذارات على أفعال ارتكبت باسمه، وهي أبعد ما تكون عن روح الإسلام، الذي يدعو إلى التسامح وتقديس الروح البشرية، بغض النظر عن دينها، وذلك لأنها هبة من الله عز وجل، وهذا وحده كاف للرد على أولئك الذين  نصّبوا أنفسهم أوصياء على الإسلام ويقتلون الناس باسم الرب، والرد على أولئك الذين يستغلون جهل أولئك القتلة السفهاء لتصفية حسابات تستمد حقدها من الحروب الصليبية لمحو تاريخها الحافل بسفك الدماء وقتل الأبرياء باسم الرب كذلك وهو بريء من تصرفات الفريقين، ليس للإرهاب دين، ليس للإجرام دين، ليس للمفسدين في الأرض دين هو فقط ضحية شذوذهم وخبثهم. 

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024