حتى لا «يُسيّس» الدستور

جمال أوكيلي
08 جانفي 2016

القراءة الدقيقة للتعديلات الواردة في «المشروع التمهيدي» يجب أن تكون حاملة للتبريرات الدستورية المقنعة القادرة على طرح الإضافة المرجوة المبنية قبل كل شيء على المسؤولية التي تراعي تلك الضوابط الصارمة في مهام كل سلطة أو مؤسسة، حتى يتم تفادي التجاوزات في الصلاحيات وهذا ما سعت هذه الوثيقة على تثبيته.
ولابد من إدراك المغزى العميق لهذا المسعى الصادق، الذي أراد سد كل الثغرات التي سجلت فيما مضى زيادة على التكفل بمقترحات العديد من طلب رأيهم في هذا الشأن لذلك فإن قيمة مضمون التعديلات تكمن في إرسالها إلى كل الأحزاب والشخصيات والجمعيات وهذا في حد ذاته يعد تواصلا متينا لكل من ينشط على الساحة الوطنية لأن محتواه يعني الجميع.
والصيغة المثلى والأسلوب الأجدر في هذا المقام هو عدم تسييس المشروع التمهيدي والتوجه للحديث عن قضايا جانبية لا تعنيه بتاتا كإطلاق الأحكام المسبقة والخلفيات التي لا مكان لها في مواقع كهذه ويكفي فقط الإطلاع على المادة ٩٩ مكرر ليلاحظ المتتبعون ما مدى الأهمية التي منحت لـ«المعارضة البرلمانية» من حقوق تمكنها من المشاركة الفعلية في الأشغال البرلمانية وفي الحياة السياسية ومن خلال ٧ نقاط وافية ليتأكد القضاء الواسع لهامش نشاط المعارضة البرلمانية خاصة منها حرية الرأي والتعبير والإجتماع، الإستفادة من الإعانات المالية الممنوحة للمنتخبين في البرلمان، المشاركة الفعلية في الأشغال التشريعية ومراقبة أعمال الحكومة، تمثيل مناسب في أجهزة غرفتي البرلمان، إخطار المجلس الدستوري والمشاركة في الدبلوماسية البرلمانية.
هذه المادة المفصلية جديرة بأن تكون محل عناية وإهتمام كل من يتوفر على مقاعد في البرلمان على أساس أنها مكسب لطالما ناضل الجميع من أجله واليوم أدرجت كمادة من المواد في المشروع التمهيدي ومطلوب أن يخصونها بالمزيد من التحاليل المستفيضة والآراء الهادفة فمن الآن فصاعدا فإن المعارضة البرلمانية بإمكانها إخطار المجلس الدستوري تجاه مسائل تراه بأنها مخالفة للتشريع الساري المفعول وهذا حق لم يكن من قبل أبدا ولم يحلم به أحد في يوم من الأيام.
وهذا طبقا لأحكام المادة ٦٦ (الفقرتان ٢ و٣) بخصوص القوانين التي صوت عليها البرلمان.. وهذا ليس بآلية تعطيل بقدر ما هو إثراء وتعميق للأبعاد الديمقراطية في إعداد نصوص القوانين حتى وإن تم التصويت بالأغلبية القائمة فإنه من حق المعارضة البرلمانية أن تتحرك في هذا الإتجاه من أجل إخطار المجلس الدستوري حيال قوانين معينة.
وعليه فإن النقاش الجانبي الجاري حاليا لدى البعض من قادة الأحزاب أن يدخل دائرة الحوار الدستوري، الذي لا يهتم بالتوجه السياسوي الذي لا يخدم الحياة الديمقراطية والتعددية، بقدر ما يسقط في ما يعرف بالسطحية المضرة بهذا المسار الحيوي.
ونعتبر بأن فتح هذا الملف يعد أولوية وطنية لأنها تؤسس لأعمال سياسية جديدة لم تكن في السابق، فالنظرة يجب أن تتوجه لمضمون الوثيقة بدلا من السقوط في النمطية التي إعتدنا عليها أي كثرة التشخيص ومحاولة تحويل الأنظار إلى محطات أخرى.
فالحدث الكبير اليوم في الجزائر هو الدستور فعلى الجميع الإنخراط في هذا المسعى الوطني والتاريخي وهذا كتعبير عن حس عميق تجاه الوطن للفصل دائما بين تلك النظرة الواسعة المتوجهة إلى الشعب الجزائري برمته والرؤية الحزبية الضيقة.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024