عرف المشهد الثقافي في تسعينيات القرن الماضي حركة ثقافية، وتنوع متباين، التميز فيها كان فيصلا، وعاملا مشجعا لشتى الفعاليات، فعلى غرار اتحاد الكتاب، الهيئة التي كانت نشاطاتها بشكل دائم، كان قانونها الأساس يمنع انضمام من ليس لديهم أعمال مطبوعة في الأجناس الأدبية «الشعر، القصة، الرواية، الدراسة النقد ،» رغم الفسيفساء التي تعرفها الجزائر في إبداعات أدبائها وكتابها الشباب ، وكان هناك أيضا ما يعرف بالصراعات بين الأجيال .
فالجيل الأول من بعض الكتاب الذين كانوا يمارسون سلطة الأبوة وحق الفيتو في هيئة الاتحاد، لم يكن في منظورهم النضالي ، تسليم مشعل القيادة للجيل الذي جاء بعدهم، وهو في الحقيقة جيل السبعينيات، لأن القيادة كانت بيد جيل الثورة،هم من يمارسون حقوقهم الأبوبة داخل الهيئة،التي منها حضور الملتقيات، طبع الكتب،التمثيل الخارجي، تبادل الزيارات الأجنبية، الاستفادة من مزايا الحزب الواحد آنذاك ،ممثلا في حزب جبهة التحرير الوطني... إلخ
لذلك فإن القاعدة المتعارف عليها حول تقسيم الريع أن كل الأعضاء المنتسبين لهيئة اتحاد الكتاب الجزائريين تمنح لهم الامتيازات في العدة والعتاد من سكنات وسيارات، ومنها ما هو معلوم، وظل ماهو خفي إلى اليوم، لا يمكن البوح به.
لذلك كثرت الصراعات بين الكتاب وسطعت في الأفق اختلافات هامشية وإيديولوجية، فكان أن سيطر التيار اليساري على هيئة الاتحاد في عهدة الروائي رشيد بوجدرة،تزامنا مع التوجه السياسي للبلاد وهي الاشتراكية وظهور أفكار إيديولوجية شهدتها الساحة السياسية وبعض الشخصيات المتأثرة بالمد الشيوعي العالمي، ما منح إسقاطات أخرى في مقاعد الجامعة، فظهرت عدة تمثيليات طلابية من المثقفين يروجون لهذه الأفكار.
هذه الصراعات، أفرزت جيلا من شباب السبعينات القادم من الجزائر العميقة ومن سفوح جبالها وتلالها، فبدأ الغسيل يطفو إلى السطح، وتغلغل التكتل والفئوية كعاملين أساسيين،لازما تسيير العهدات التي جاءت من بعد.
ودون الدخول في تفاصيل سأعود إليها في إفضاءات أخرى سأتحدث عن فترة كنت شاهدا على بعض أحداثها، بعد مؤتمر زرالدة مباشرة في حلقاتنا القادمة.