يبدو أنّ شوكة “الفوضى الخلاّقة” التي غرسها “بوش” في جنبات الوطني العربي، هي التي تقف وراء الأسقام والأوجاع التي تعانيها شعوبه من العراق إلى سوريا مرورا بفلسطين واليمن ووصولا إلى ليبيا، وحتى باقي الدّول لم تحرم نصيبها من “عطيّة” “بوش” المسمومة، وهي تواجه المصاعب والتوتّرات وإن كان بدرجة أقلّ وبشكل مختلف.
أينما تولّى وجهك على طول الجغرافيا العربية، لا ترى غير دماء تُنزف وبُنى تهدّم ووحدة تنسف...مشهد دراماتيكي مؤلم، شعب واحد يقسّم ويفتّت بسكيّن الطّائفة، تارة باسم الدّين ومذاهبه، وأخرى باسم القبيلة وثالثة باسم المناطقية، ورابعة باسم الولاء لهذا الطّرف الخارجي أو ذاك...
وفي النّهاية يفكّك رباط الوحدة والأخوّة الذي يشدّ أبناء البلد الواحد كالبنيان المرصوص، ويتفرّق الجميع كما تتفرّق وتتطاير حبّات العقد. والأمرُّ من كلّ هذا، أن لا أحد يدرك الفخّ الذي نصبه روّاد مؤامرة “الشّرق الأوسط الجديد”، والنتيجة هي النّار التي تحرق سوريا واليمن والعراق ولييبا، والتوتّرات التي تهزّ باقي الدول سواء على المستوى الأمني، السياسي، الاقتصادي وحتى الاجتماعي.
هي “الفوضى الخلاّقة” إذن بكل معانيها تعمّ البلاد العربية، ولا تبدو نهاية النّفق قريبة للخروج من هذا الوضع المأساوي، طبعا فالسّقوط الأمني تمّ في بئر عميقة يصعب الصّعود منها إلاّ عبر حبال متينة لا تكون مغشوشة كالتي نراها تصل الشّعوب التي وقعت في مصيدة الحروب الأهلية من حين لآخر، وكلّما حاولت الامساك بها أو الشدّ عليها، تتمزّق بين أيديها، فتعود أدراجها إلى القاع تتخبّط كالغريق في انتظار الفرج الذي طال.
لا شك أنّ الوطن العربي اليوم يُنحر بسيف الفوضى، ويضرب بمعاول الطّائفية والصّراع على السّلطة، وملامح خريطة “الشّرق الأوسط الجديد” لم تكتمل “رتوشاتها” بعد، لهذا فإنّنا لا نتوقّع انفراجا قريبا، خاصّة وأنّ بعض أبناء الوطن العربي الذّبيح، استحلى سياسة جلد الذّات التي أدمت الأوطان وأزالت عنها رداء الوحدة والأمان، وتركتها عارية في مهبّ عواصف هوجاء، فمتى يتحقّق الانفراج؟