دائما ما صاحبت عمليات الوساطة والجهود الدبلوماسية، لحل النزعات في دول تعرف أزمات، أسئلة كثيرة، عن الأسباب التي تدفع الفرقاء إلى التعنّت ورفض تقديم التنازلات، رغم علمهم بأن استمرار الأوضاع على حالها سيزيد الأوضاع تفاقما.
في ليبيا مثلا، لم ينجح المبعوث الأممي الجديد، في إقناع المؤتمر الوطني الليبي المعروف بالبرلمان الفاقد للشرعية الدولية، في الانضمام إلى الاتفاق المبرم وتسهيل تشكيل حكومة وطنية خلال 15 يوما.
وتشبثت شمال مالي الجماعات الإرهابية بالمنطقة، إلى غاية تشكيل تحالف دولي قادته فرنسا وأزيد من 11 دولة إفريقيا، كما استمرت المفاوضات بين أطراف الأزمة أزيد من سنة، وهذا ما يستدعي طرح تساؤلات منطقية عن دوافع عدم التوافق على المصالح الوطنية التي ينشدها كل طرف، وعن المستفيد من بقاء الوضع كما هو عليه؟
والحقيقة أن الظروف القائمة على الميدان، أقوى بكثير مما يجمع المتخاصمون على طاولة الحوار، ففي الميدان جماعات مسلحة إرهابية وغير إرهابية تقاتل وتتقاتل فيما بينهما، لها القدرة على التسلح بمئات الأطنان من شتى أنواع السلاح ولا تملك الرغبة في السلم والسكينة.
حربها ليست من أجل البلاد، ولكن على ما توفره لها هذه البلاد بما آلت إليه من فوضى، إنها تقاتل من أجل المال والثروة الفاحشة التي تقبضها من استمرار تجارة المخدرات والأسلحة، وبيع البترول عشوائيا وبأسعار رمزية، إلى درجة أن دولا أصبحت تشتري من هذه السوق السوداء.
إذا، فكبار بارونات المخدرات المتحالفون مع الإرهابيين، والمسيطرون على مواقع النفط، هم أسباب المآسي كلها، ليسوا وحدهم فقط، وإنما من يقف وراءهم من جهات أجنبية تستفيد من الفوضى التي تدر ذهبا عليهم.