... إن الكتابة على الكبار تقتضي الاقتداء بهم، لقد اطلعنا هذه الأيام على كتابات كثيرة وطويلة وعريضة كانت بمثابة رد الاعتبار للزعيم التاريخي الراحل حسين آيت أحمد، وهذه الكتابات تجعلنا نتساءل لماذا كنا نخفي كل هذه العواطف والمواقف تجاه الرجل، هل لأننا كنا نعرف الحق ونكتم الشهادة أم أننا أصبحنا نكتب على المقاس.
تملك الجزائر الكثير من المراجع التي توفيت قبل الراحل «الدا حسين» وقد بكينا عليها وبعد دفنها عدنا للممارسة كتابة الإنكار والاستنكار وفقط، كتابتنا للتهجم على بعضنا وخلق جدلية عقيمة بين واحد يحب الجزائر والسلطة و بين آخر في نظر الأول يكره الجزائر ويمقت السلطة .
لقد انتشرت هذه العقلية بين الجزائريين عند قيام الحركة الوطنية وبعد تطورها وقبل تفجير الكفاح المسلح وعند تفجيره وقبل الاستقلال وعند الاستقلال وبعد الاستقلال في صورة تؤكد روح الحقد والانتقام التي نشعر بها عند اختلافنا مع الآخر، وهو ما حدث مع الراحل حسين آيت أحمد الذي عرفناه تقريبا عند موته، أو في الوقت الضائع من تاريخ الجزائر، لقد كنا نسمع عنه فقط عن ما حدث بعد الاستقلال حيث تم الترويج لشخصه بأنه أراد أن يفصل منطقة القبائل عن الجزائر بينما الحقيقة كانت عكس ذلك.
لقد خلقت الدعاية والحرب النفسية في ألمانيا ولكنها انتشرت وتطورت وازدهرت في الجزائر من خلال طرق ووسائل لم تخطر على بال بشر. فكل التطورات والأحداث الحساسة التي شهدتها الجزائر تم قولبتها وتوجيهها بشكل يرفع البعض ويحط البعض الآخر بعيدا عن إظهار الحقيقة حتى أن الكثير من الشعب الجزائري وبعد معرفة الحقيقة حول القضايا وحقيقة الرجال لا يكاد يصدق ويبقى يؤمن فقط بما كان يتلقاه من الدعاية والحرب النفسية.
إن ما كان يقال عندما كان الأسد واقفا وبعد وفاته فرق كبير يعكس انفصام الشخصية لدينا وحبنا للتملق وطمس الحقيقة، أو استغلال الحقيقة ـ و قولها في الوقت الضائع....لقد تحدث مواطنون بسطاء متسائلين عن سر الاهتمام بالراحل آيت أحمد لماذا تجاهلناه في كل هذه السنوات، وفوق ذلك اعتدينا عليه بالسّب والشتم والقذف لأن البعض لا يتفاهم مع قناعته.
إن الرموز التاريخية في بلادنا عانت ومازالت تعاني سواء حية أو ميتة هذا لأننا أصبحنا لا نحب الحقيقة ونحبذ العيش في الظلامية والرداءة، وتكييف كل كتابتنا بالأمور التي تجلب لنا أموالا أو امتيازات ولو لم نكن نستحقها ...