رفع رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، الالتباس تجاه التدابير المتخذة لمواجهة الظرف المالي الصعب الذي فرضته تداعيات انخفاض أسعار البترول، الذي يمثل أغلبية مداخيل البلاد بـ98٪. وعاد الرئيس في آخر مجلس الوزراء لعام 2015 إلى ما وعد به في برنامجه الانتخابي وخارطة الطريق المعتمدة من بداية الألفية بناء جزائر قوية آمنة ومؤمنة. وهي جزائر استعادت عافيتها وطمأنينتها في بداية المرحلة بفضل ميثاق الأمن والمصالحة، وشرعت في بناء اقتصاد وطني يقاوم الاهتزازات اعتمادا على الذات أو شراكة استراتيجية بناء على برنامجي الانتعاش الاقتصادي ودعم النمو.
وساهمت في تعزيز هذه الحركية والورشات المفتوحة المنشآت القاعدية التي أعطت انتعاشا لمختلف أقاليم البلاد والولايات، وجعلتها في تفتح واتصال عبر شبكات طرق ومنشآت شكلت الوجهة الاستثمارية بامتياز. هذه الحركية يحرص الرئيس على مواصلتها باعتماد إجراءات أكثر نجاعة وواقعية في التسيير والتنظيم ووترتيب الأولويات، وهي تدابير تضمنها قانون المالية الذي أثار زوبعة من قبل أحزاب لم تتمعن في دراسة مضمونه وبعده ونظرته الاستشرافية لمواجهة أزمة مالية يعيشها العالم قاطبة، وراحت ترمي بثقلها تجاه مسائل جزئية تخص بعض الرسوم دون وضع في الحسبان المزايا الكبيرة الممنوحة للمتعاملين والمؤسسات الوطنية، بغرض إعطاء ديناميكية أكبر لآلة الإنتاج وتزويدها بمعايير تمثل تأشيرة كسب ثقة المستهلك في الداخل والخارج.
رئيس الجمهورية الذي حث الحكومة والسلطات العمومية على قول الصراحة للمواطن تجاه الأزمة، وتحسيسه بخطورته وإشراكه في إدارتها وتفهمها دون تركه عرضة لحملات من قوى الداخل، تشكك في كل شيء ينجز، وضع أمس النقاط على الأحرف بالتأكيد الصريح على مواصلة الحكومة لمهمة الشرح والتوعية وتكثيف الاتصال المؤسساتي لإظهار حقيقة الأشياء وجوهر التدابير المتخذة.
من هذه الإجراءات محل الاهتمام وتحتل الأولوية في أجندة عام 2016 الكشف الصريح لمضمون السياسة الاقتصادية وخياراتها وقاعدتها المبنية على رشادة التسيير ونجاعة الإنفاق العام، وهي سياسة بعيدة عما يروج من قبل “معارضة” بلا توقف تعتبرها تقشفا، وعدولا عن مشاريع وخيارات سيادية، وتراجعا عن مبادئ ثابتة سارت عليها البلاد في كل الظروف لن تتخلى عنها قيد أنملة.
بعد الزوبعة التي أحدثها نواب بالبرلمان حول قانون المالية.. والتهجمات غير المؤسسة التي تصدرت أولى صفحات عناوين إعلامية، يرفع الرئيس اللبس مرة أخرى، مرافعا من أجل اطلاع الرأي العام بكل كبيرة وصغيرة وتزويده بالمعلومة اليقينة، والترديد للمرة الألف أن هذه التحولات الحالية والآتية لن تشكل بالمرة أي خطر على المكاسب والإنجازات، ولن توقف عزم الدولة في الذهاب إلى الأبعد في معركة البناء والإنماء دون السقوط في اليأس والقنوط.
الإجراءات المتخذة على ضوء التحولات لا تشكك في السيادة الوطنية على الاقتصاد الجزائري، ولن تمس بما تسعى الجزائر لبلوغه: استعادة قاعدتها الصناعية مصدر الثروة والتشغيل والقيمة المضافة المدخل الأبدي لاستقرار الجبهة الداخلية، التي هي أقوى من أن تزعزع من قبل ضعاف النفوس والمحرضين على الانزلاق تحت تسميات عدة.
الإجراءات المتخذة هي تعزيز للمسار وعقلانيته، تثبت بالملموس أن الجزائر لن تتخلى عن مؤسساتها الاستراتيجية، التي صنعت مجدها في كل الأوقات. هي لن تمس كذلك التضامن الوطني والعدالة الاجتماعية التي وضعها الرئيس بوتفليقة في أولى الأولويات، واعتبرها في آخر مجلس وزراء للسنة المنقضية خطا أحمر.