خطوة مهمة تأتي في نهاية الحصاد السياسي لهذه السنة، تتزامن مع الموعد الانتخابي الذي تنتظره التشكيلات الحزبية في الجزائر، وهو التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة، وعشية هذا الموعد الحاسم أراد رئيس الجمهورية، بأن تكون خاتمة الموسم، منح موافقته على المشروع التمهيدي لتعديل الدستور الوثيقة التي أسالت الكثير من الحبر، وجعلت الأحزاب السياسية في حالة استنفار، وتسابق مع الزمن، بين مرحب و متحفظ على الطريقة التي سوف يتبعها المشروع، وهاهو القاضي الأول في البلاد، يضع حدا لكل التأويلات التي بدأت تطفو على سطح المشهد السياسي، واضعا الكيفية التي سوف يمر عبرها هذا المشروع، بعد أن يعكف مجلس الوزراء على دراسته قبل عرضه على المجلس الدستوري الشهر القادم.
بعد الجولات الماراطونية التي كانت رئاسة الجمهورية فيها محجّا لكل الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية وجمعيات المجتمع المدني، خلال تقديمهم لتصوراتهم، والاستماع لانشغالاتهم من طرف مدير الديوان برئاسة الجمهورية أحمد أويحي، وبعد طول الانتظار هاهو الضوء الأخضر حول التعديل يرى النور، بعد أيام قلائل من المصادقة على قانون المالية في البرلمان بغرفتيه.
نسخ من المشروع المقترح للتعديل، يكون للرأي العام هو الآخر، حصته منها، قصد الاطلاع وتقديم الاقتراحات حول النقاط التي ربما سوف يكون عليها التباين، مادام الاختلاف حول الجوهر غير وارد.
موافقة الرئيس بوتفليقة على المشروع، في الحقيقة خطوة سبقها خطابه للأمة، أين ذكر فيه، بأن التعديل سيسمح بتسجيل تطور ملحوظ في العديد من المجالات، وتكون في أولوياتها الحوكمة والوحدة الوطنية من خلال تعزيزهما في إطار احترام حقوق المواطنين وحرياتهم في ظل عدالة مستقلة، سيدة في قراراتها وأحكامها.
خارطة طريق في ظروف سياسية واقتصادية استثنائية، مما يستوجب مراعاة المؤشرات الكبرى للثوابت الوطنية، وبناء لبنة قوية من الروابط المتينة، بمرجعية قوامها الرشادة في التسيير والحوكمة في تمكين الآخر من رغبته في التعبير، ومنحه الآليات الكفيلة بذلك، في إطار الشفافية وخدمة للديمقراطية التعددية. مما يستوجب تعميق الفصل بين السلطات وتكاملها، وهو شق آخر، يجب التوقف عنده برؤية متأنية، وثبات متزن تحت سقف دستور جامع.