أمل رغم الجراح

فضيلة دفوس
29 ديسمبر 2015

بعد يوم واحد سنودّع سنة ٢٠١٥، التي مرّت بسرعة البرق وكأنّها تفرّ من هول ما أصبحنا نعيشه من أزمات وما تتخبّط فيه من ويلات.
والحقيقة أن السّنة المودّعة، لم تمر بردا وسلاما على العالم، بل كانت مثقلة بالهموم والتوتّرات، المعضلات التي يشهدها وطننا العربي ظلّت تحصد أرواح الأبرياء وتحرق ما تبقى من آمال في وقف إراقة الدّماء، وتدفع الملايين إلى الفرار بجلودهم من جحيم لا يطاق، وقد وقفنا على أكبر هجرة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية جسّدتها قوارب الموت المكدّسة باللاجئين وهي تركب مخاطر المتوسط الذي ابتلع آلاف الضحايا، أمّا من أسعفهم الحظ في بلوغ يابسة القارة العجوز، فقد ضيّعوا هناك إنسانيتهم وكرامتهم وهاموا على وجوههم بحثا عن مكان آمن ضيّعوه في بلدانهم.
«الكثير من الآلام والقليل من الآمال” قد يكون العنوان الأمثل لوصف سنة ٢٠١٥، التي نعيش آخر ساعتها، ففيها تمدّدت رقعة الإرهاب بجرائمه الدموية وتوسّعت إلى أكثر من دولة وقارة، فمن سوريا الذّبيحة والعراق النّازف، صعّدت الوحوش الآدمية عملياتها لتطال اليمن ومصر وليبيا وتونس ونيجيريا والتشاد والصومال والنيجر وكينيا ومالي، بل وصل إجرامها إلى قلب فرنسا حيث شهدت باريس في ١٣ نوفمبر الماضي هجمات مريعة كانت بوقع تفجيرات “مانهاتن” في ١١ سبتمبر ٢٠٠١، بالولايات المتحدة الأمريكية.
ولم تسلم الطائرة الروسية التي أسقطتها صواريخ “داعش” الإرهابي من علوّ سماء سيناء المصرية مخلّفة ٢٢٤ ضحية...
لقد وقف العالم طيلة العام المودّع على جرائم مروّعة ارتكبها الإرهابيون بدم بارد، حيث أحرقوا الطيّار الأردني معاذ الكساسبة حيّا داخل قفص حديدي، وأقاموا حفلات تمّ فيها شواء الأسري في العراق، وقطّعوا الرّؤوس، فجّروا المنازل والمدارس والأسواق خطفوا النساء، اغتصبوهن وعرضوهن للبيع سبايا...
فضائع لا يتصوّرها العقل وقعت، ومقابل هذه المشاهد المرعبة، ظلّ كبار العالم الذين بأيديهم إمكانية إنهاء الكابوس المفزع، يعاندون ويغالبون بعضهم البعض، ويؤجّجون التوتّرات ويعقّدون الأزمات بدل أن يحلّوها، وحتى الحرب التي أعلنوها على “داعش” الدموي، كانت كمن يصبّ الزيت على النار، فلم تزد هذا التنظيم الإرهابي إلا تمدّدا وتشدّدا. لكن النقطة الفاصلة التي أحدثت ما يمكن وصفها بداية الانفراج هي هجمات فرنسا وقبلها تسونامي اللاجئين الذي أغرق أوروبا، إذ تأكّد الغرب بأنه لم يعد بمنأى عن حمم البراكين المتفجّرة في البلدان العربية.
وسجّلنا في الأسابيع الأخيرة توجّها يبدو جادّا هذه المرّة نحو حل الأزمات التي تعصف بسوريا وليبيا واليمن.
ويفتح هذا التوجه باب الأمل الذي نستقبل به العام الجديد وكلّنا رغبة في أن يكون للسّلام والأمن والاستقرار.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024