كل شيء يسير بطريقة منتظمة وفق أجندة حددها بدقة رئيس الجمهورية، منفذا ما التزم به في البرنامج الانتخابي، حريصا على أن تكون الأمور والمسائل في وقتها المعهود.
اتضح هذا، أمس، في المجلس المصغر الذي ترأسه الرئيس حول المشروع التمهيدي لتعديل وثيقة أسمى القوانين وأكثرها مرجعية وسموا على الإطلاق.
المجلس المصغر جاء مكمّلا للذي سبقه لنفس الغرض والهدف ويعطى أجوبة عن تساؤلات مطروحة حول مضمون تعديل الوثيقة، خطواتها وقنواتها، إضافة إلى محتوى المضمون الذي يعرض للإثراء على الشخصيات، الأحزاب والجمعيات، إلى جانب إطلاع المواطن والرأي العام بأدق التفاصيل من خلال الإعلام يكشف النقاب عنه لاحقا.
ينتهي كل شيء باجتماع مجلس الوزراء لدراسة الوثيقة المعدلة قبل عرضها على المجلس الدستوري، صاحب الصلاحية القانونية لإبداء الرأي حول الطريقة التي تتم بها دراسة النص التشريعي والمصادقة عليه من نواب البرلمان.
تظهر هذه الطريقة المعتمدة من قبل الرئيس في تعديل أسمى وثيقة قانونية مصدر التشريع، مدى الشفافية التي تطبق والرغبة الأكيدة في رفع تحديات الظرف في أبعد مداه وتعقيداته وكسب الرهانات المتعددة التي تفرض رؤية استشرافية تعطي ضمانات أكبر لجزائر تشق طريقها في الإصلاحات وبناء دولة مؤسسات ديمقراطية تلعب فيها المعارضة دورها المسؤول ولا تبقى أسيرة الموقف السلبي المألوف «خالف تعرف».
تظهر هذه الطريقة التي تزيدها وضوحا المحطات المفصلية القادمة، منها اجتماع مجلس الوزراء، إرادة الرئيس بوتفليقة في إعداد وثيقة متزنة يطبعها التوافق السياسي تعبّر عن روح التغيير والتحول دون القفز على الثوابت والمسلّمات والمرجعية التي تبقى دوما المعيار الأساسي والجوهري للممارسة الديمقراطية والحكامة وما يتبعها من قيم ومبادئ تشكل الإسمنت المسلح للوحدة الوطنية، تاريخ الجزائر، هويتها وقيمها الروحية الحضارية.
تظهر الطريقة المتبعة وفق خارطة طريق، الإرادة القوية في تحضير دستور معدل يأخذ في الاعتبار روح الظرف المتغير وما يستدعيه من مواد عاجلة تعطي إضافة لاحترام حقوق الإنسان، واستقلالية العدالة، الفصل بين السلطات وتكاملها في سبيل الممارسة السياسية والديمقراطية. وهي ممارسة تكسب متانة وقوة في الدستور القادم الذي يريده رئيس الجمهورية أكثر ضمانا لتوسيع مهام المعارضة وتزويدها بأدوات جديدة تصل إلى حد إخطار المجلس الدستوري.
تترجم الطريقة أخيرا، رغبة جامحة لدى رئيس الجمهورية في تنشيط المؤسسات الدستورية المنوطة بالمراقبة وتحركها وقت الحاجة والضرورة بما يضمن المصداقية والشفافية. وهي شفافية تكسب قيمة واعتبارا باللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات المطلب الملح من الطبقة السياسية التي تراه مسألة جوهرية في المعادلة السياسية في كل الظروف.