الوطنية.. والاعتدال

جمال أوكيلي
26 ديسمبر 2015

كان المرحوم المجاهد والمناضل آيت أحمد معتدلا في مواقفه السياسية تجاه القضايا الحساسة التي عاشتها الجزائر خاصة خلال مرحلة التسعينيات مع الانفتاح الديمقراطي وميلاد الأحزاب.
ولم يتوان لحظة في العودة إلى وطنه الحبيب الجزائر.. قصد المساهمة في إثراء الممارسة التعددية.. باسم الحزب الذي أفنى عمره معه.. وهذا بعد منفاه الاختياري.. وبمجرد أن دخل هذا الوطن وهو في مخاض مع تجربة جديدة في مسيرته الوطنية.. أبدى تحمسا قويا في وضع لبنة من لبنات البناء السياسي في الجزائر.. وهذا بإشرافه شخصيا على إدارة تشكيلته في المواعيد الانتخابية الكبرى.. صال وجال ربوع الوطن طارحا أفكار تشكيلته.
وفي الوقت الذي كان الكثير يعمل على الترويج لطروحات سلبية،، لا تمت بصلة لواقعنا،، تميّز خطاب آيت أحمد بالاعتدال والوسطية رافضا الدخول في تلك الحسابات الضيقة المبنية على توجهات استعمارية بين الشعب الواحد.
وهكذا كان يدعو إلى جزائر قوية.. مهابة الجانب.. والوحدة بين الشعب الواحد.. وإرساء دعائم متينة لترسيخ مباديء الديمقراطية.. التي يؤمن بها إيمانا قاطعا في ترقية الإنسان الجزائري.. وفي نفس الوقت شنّ حربا شعواء على دعاة التفرقة والفوضى.. مطالبا إياهم بالكف عن مثل هذه الممارسات البعيدة.. كل البعد عن انشغالات الجزائريين.. والعودة إلى جادة الصواب والتحلي بالحكمة والتعقل.. رافضا اعتماد سياسة الكرسي الشاغر بالمجالس المنتخبة بدءا بالبرلمان والولاية والبلدية.
هذا هو الخط السياسي والنضالي الذي انفرد به آيت أحمد.. بالرغم من أنه سبب له مشاكل كبيرة مع تشكيلة أخرى.. وصفه زعيمها بشتى الأوصاف.. لكنه لم يأبه لذلك.. بقي وفيا لمبادئه الوطنية التي تضع الجزائر فوق كل اعتبار.. وهذا بالعمل على تحصينها من كل طارىء.. اعتقادا منه بأن الطريق مازال طويلا وشاقا يتطلب الكثير من الرؤية الواضحة.. قصد الوصول إلى الهدف المرجو .. ألا وهو جعل الجزائر في مقام الكبار في كل النواحي السياسية والاقتصادية والإجتماعية.
وخصاله السياسية والنضالية.. هي تجربة لرجل ترعرع في رحم الحركة الوطنية.. الثورية.. كانت بالنسبه له المنهل الذي أخذ منه القيم السامية التي كانت بالنسبة له المرجعية في اتخاذ أي قرار.. هذا ماجعله دائما يحمل ذلك الطابع الخاص بالوطنية أي الدفاع عن مصالح الجزائر.. وحمايتها من كل المحاولات الرامية إلى زعزتها.. ومعارضته لم تكن تفرق وإنما تتوجّه للم شمل الجزائريين خدمة للوطن والمواطن.. وتصحيح أوضاع معينة.. لتصل إلى المبتغى المبحوث عنه.
كل هذه التراكمات من القيم والمبادىء غرسها آيت أحمد في مناضليه الذين لم يتخلفوا عنها قيد أنملة.. وهو الخط السياسي الذي جلب الكثير من الاحترام.. كونه يجمع بين الجزائريين.. ويقوي لحمتهم وتضامنهم عندما يتعلق الأمر بالقضايا الوطنية الكبرى.. لذلك ارتبط اسم المرحوم ارتباطا وثيقا بالحزب ليس من باب التسلط أبدا.. وإنما من باب الوفاء لنظرة ثاقبة في مجال العمل السياسي لتفادي التناقضات والصراعات.. بدليل أن رئاسة هذا الحزب تعرف تداولا متواصلا لم يحدث عند تشكيلات أخرى.
هكذا كان آيت أحمد.. ولايسعنا في هذا المقام الخاص.. إلا التذكير بمواقفه الوطنية المتميزة.. التي تضرب بجذورها في الحركة الوطنية، أضاف لها احترامه للرأي الآخر هذا كله من أجل صالح الجزائر.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024