هل بدأت مرحلة العدّ العكسي لإطفاء الحروب التي تحرق سوريا واليمن وليبيا؟، الأمر يبدو كذلك فحركيّة كبيرة ومتزامنة نشاهدها هذه الأيّام لتسوية الأزمات التي تعصف بشعوب هذه الدول منذ خمس سنوات.
ويتجلّى بوضوح أن تفجيرات باريس الدموية منتصف نوفمبر الماضي كانت المحرّك الأساسي لهذا التوجّه الدولي نحو حلّ المعضلات الأمنية التي تعصف ببلدان “الرّبيع المريع”، طبعا فالغرب الذي يسابق الزمن اليوم لإجلاس النظام السّوري مع معارضته حول طاولة واحدة ولا يضع رحيل الأسد شرطا لذلك كما كان في السّابق، أدرك بأن تداعيات هذه الأزمات الدموية وأخطارها حطّت الرّحال بدياره من خلال أمواج اللاّجئين التي أغرقت بلدانه، والهجمات الإرهابية التي ضربت قلب العاصمة الفرنسية، ومن خلال عودة مقاتليه الذين تحوّلوا إلى دمويّين من الطراز الرّفيع.
سباق محموم إذن نشاهده في آخر أيّام سنة ٢٠١٥ لحلحة أزمة سوريا وليبيا واليمن، والمثير للإنتباه أن إجماعا دوليا حصل بهذا الخصوص، ولم نعد نسجّل ذلك الخلاف والتباين بين القوى الغربية وروسيا، فالكلّ أصبح يتحدّث بصوت واحد عن ضرورة إنهاء هذه الصّراعات الدمويّة التي أراقت الكثير من الدّماء حتى تسهّل مهمّة محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي الذي أصبح يشكّل تهديدا للعالم أجمع وليس للمنطقة التي غُرس بها فقط.
وقد بدأت المساعي الدولية في اتّجاه حلّ الأزمة السّورية واللّيبية واليمنية تأتي أُكلها، حيث أقرّ مجلس الأمن الدولي خريطة لحلّ معضلة بلاد الشّام تنصّ على إطلاق مفاوضات بين الحكومة السّورية والمعارضة بالموازاة مع وقف إطلاق النار بداية من الشهر القادم وتشكيل حكومة إنتقالية في غضون ٦ أشهر وانتخابات بعد ١٨ شهرا.
وبخصوص الأزمة اللّيبية وقّع الفرقاء هناك اتّفاقا للتسوية يقرّ هو الآخر تشكيل حكومة وفاق وطني تقود إلى تنظيم إنتخابات وبناء مؤسسات الدّولة، وعلى نفس الخطى يسير اليمن.
وإذا كنّا نرحّب بهذا الانفراج لأنه سيوقّف النزيف الدّموي الذي أغرق الكثير من البلدان العربية، فإننا بالمقابل نتساءل لماذا تأخّر خمسة أعوام كاملة، ألم يكن بإمكان القوى الكبرى أن تحلّ الأزمة في سوريا وليبيا واليمن في بدايتها وتنقذ أرواح مئات الآلاف من الأبرياء؟ بل ألم تكن بعض هذه القوى هي من يؤجج الوضع في هذه الدول، وعبر مطاراتها وتحت أعين مخابراتها كان يمرّ إرهابيو “داعش” ويتنقلّون بكل حرية؟
لسنا بحاجة إلى أجوبة، فهي لن تعيد عقارب السّاعة إلى الوراء، فالمهم اليوم هو إنهاء الكابوس الذي يعيشه السوريون والليبيون واليمنيون.