منذ 8 أشهر، وبورندي تنزلق تدريجيا نحو حرب أهلية، بسبب إصرار الرئيس بيير نكورونزيزا على الترشح لعهدة جديدة، وثبات المعارضة على رفضها للخطوة غير الدستورية، ليأخذ بذلك الخلاف السياسي بعدا عرقيا بين الهوتو والتوتسي من جديد.
الاتحاد الإفريقي قرر تشكيل بعثة لحفظ السلم في هذا البلد قوامها 5000 عنصر، محاولا استباق أي انزلاق أخطر مما هو عليه الآن. فقد رأى في اغتيال الشخصيات الأمنية والسياسية واستخدام الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين، بوادر تؤشر لعودة شبح الحرب الأهلية التي عرفتها البلاد سنة 1995.
خطوة الهيئة القارية، إذاً، جاءت بناء على توجهاتها الجديدة القائمة على آليات توقّع الأزمات ومنع حدوثها والتعامل معها. وتحركت في حالة بورندي في إطار «المنع»، بغرض حماية المدنيين من جهة، والمساعدة في تهدئة الأوضاع الأمنية تمهيدا لإجراء مفاوضات بين أطراف الأزمة.
ورغم اعتراض الحكومة البورندية على نشر القوات الإفريقية واعتبارها قوة غازية، إلا أن تشجيع مجلس الأمن الدولي للمبادرة، من شأنه أن يضع الرئيس نكورونزيزا تحت ضغط شديد، ويدفعه للتفكير جديا في الدخول في حوار شامل مع المعارضة وعدم اتخاذ كل ما من شأنه زيادة تفاقم الأوضاع.
الموقف الصارم للاتحاد الإفريقي يعدّ بمثابة تحديد للأطر الإفريقية للتعامل مع الأزمة، تفاديا لنقل القضية إلى خارج القارة، كما كان حدث في أزمات سابقة، وبالتالي ستكتفي هيئة الأمم المتحدة ومجلس السلم والأمن الدولي، بمهمة المرافقة والدعم، كما سيقطع الطريق أمام بلدان غربية قد تخامرها فكرة تحريك قواتها باتجاه العاصمة بوجمبورا.
لقد استوفت منظمة الوحدة الإفريقية، في سابقة، جميع الآليات الكفيلة بحماية السلم والأمن والتعامل مع الأزمات، لتدخل بذلك مرحلة التنفيذ الميداني.