ليس أمام الإخوة الليبيين بعد كل هذه المراحل المهمة من جولات الحوار إلا الالتفاف وراء حكومة الوفاق الليبية ليكون تاريخ 16 ديسمبر حدثا مفصليا في الأجندة السياسية للبلد ، تحت قيادة مرشحها فائز السراج ، والدعوة إلى رص الصفوف والتصدي لكل المحاولات المشككة في الجهود المبذولة سواء تلك الموجودة على الأرض أو تلك التي تبذل المساعي الدولية قد التوصل إلى حلول تعجل بإنهاء الاقتتال وإعادة بناء ليبيا في ظل الأمن والسلم ، لان تشكيل حكومة وحدة وطنية كفيل بمواجهة كل المؤشرات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تعرقل إعادة بناء الدولة مع تجاوز الخلافات التي تعثر الاتفاق السياسي
إن بقاء الصراع القائم بين الفصائل المسلحة والقبائل المناهضة لعملية السلام ، سيعرقل المسار السلمي للبلد ، في ظل استحواذ الجماعات الإرهابية على العديد من المدن واتخاذها مناطق عبور ومعسكرات للوافدين الجدد إلى داعش الإرهابي ، لقد مر على الأزمة الليبية أكثر من خمسة سنوات ، من الاقتتال بين الإخوة الفرقاء ، كان الرابح في المعترك هو الخاسر الأكبر، لذلك فان الاتفاق السياسي بين الأطراف الفاعلين سيلغي حتما كل الانشقاقات الحاصلة بينهم، مما يقوي طريقة الحوار والدفع به نحو النجاح .
لقد كانت ندوة روما حلقة مهمة في الطريق الفعلي للتأكيد على أهمية المطالب والمساعي التي قامت بها الجزائر منذ بداية اللقاءات الأولى لعملية المفاوضات ، وهي أيضا دعم سياسي لعتبة هذه الجولات نحو الأمام ،تحت رعاية الأمم المتحدة وتأكيد المجتمع الدولي بدعمه المتواصل للشعب الليبي ، باعتباره الشريك الفعلي والوحيد الذي بيده الخيار النهائي لمشكلته السياسية بعيدا عن أي ضغوطات داخلية أو خارجية أجنبية مهما كان مصدرها ، الشأن الذي أكدت عليه الجزائر على لسان الوزير مساهل ، حين وصف دعم الجزائر المتواصل ومرافقة الهيئات الجديدة للحكومة الوفاق الوطني ، يأتي التزاما كما فعلته مع الحكومات السابقة الانتقالية ، في إطار احترام المبادئ العامة للسيادة الوطنية الليبية والوحدة الترابية للبلد .
مما لاشك فيه أن مرحلة ما بعد ال 16 ديسمبر سوف تكون من أصعب فترات الحوار السياسي في ليبيا خاصة بعد أن تضع التشكيلات المسلحة لغة المقاومة جانبا وتوحيدها ضد عدو مشترك ، وهو التنظيم الإرهابي داعش الجناح الذي لا يمثل خطرا و تهديدا ضد ليبيا لوحدها فقط ، بل يهدد حتى دول الجوار ، أمام ، ما تعيشه الجارة تونس وما يشهده الساحل الإفريقي ، من تنامي تجارة الأسلحة والرق وظهور آفات الجريمة المنظمة بشتى أشكالها وأنواعها في المنطقة .