تجارة الموت

فضيلة دفّوس
15 ديسمبر 2015

“مصائب قوم عند قوم فوائد”، ينطبق هذا المثل بكلّ ما يحمل من معنى بين تمدّد رقعة الإرهاب في العالم وتعدّد النّزاعات والتّوتّرات، وبين تنامي صناعة السّلاح. فهذه الأخيرة، تعيش في السّنوات الأخيرة أزهى أيّامها، كيف لا وقد باتت كبرى مصانع الذّخيرة الموجودة في الغرب طبعا، تسابق الزّمن لتلبية الطّلب المتزايد على آخر ما يبتكر في هذا المجال من صواريخ دقيقة لا ترصدها ردارات وقنابل وقذائف هجومية ذكية، ومختلف أنواع الأسحلة الفتّاكة، ما يعني أنّ أموالا ضخمة تحصدها هذه المصانع، وفوائد كبيرة تعود على الدّول التي تحتضنها، حيث تساهم في توظيف المزيد من اليد العاملة لتقضي على البطالة وتحقّق رفاهية الفرد الغربي، في حين أن الإنسان في البلاد التي تستورد السّلاح يعاني الأمرّين، فإن حالفه الحظ ونجا بحياته من القتل بهذا السّلاح، فهو حتما لن ينجو من حياة النّزوح واللّجوء والتّشرّد...
تقول التّقارير المختصّة، أنّ الحرب على التّنظيمين الإرهابيين “القاعدة” و«داعش”، زادا الطّلب العالمي على السّلاح بشكل مطرد، ما اضطرّ المصانع المنتجة إلى اعتماد ورديات عمل إضافية، والاستعانة بالمزيد من العمّال لرفع الإنتاج، بل واضطرّت أيضا إلى فتح مصانع جديدة، ومع ذلك فالعرض لا يفي في الغالب الطّلب ما يسفر عن قوائم انتظار طويلة، طبعا فالعالم أصبح مسكونا برعب اسمه “داعش”، الأمر الذي حرّك سباقا محموما على اقتناء وتخزين الذّخيرة الحربية.
أموال لا تعدّ ولا تحصى تجنيها مصانع الأسلحة، في حين تكلّف مشتريات الذّخيرة الحربية الدول التي تقتنيها وهي في الغالب البلدان العربية ثروات كبيرة، ما يطرح علامة استفهام كبرى عن العلاقة التي يمكن أن تربط بين تنامي وتمدّد الإرهاب فوق الأراضي العربية تحديدا، وبين اقتناء السّلاح حتى لا نقول صناعته.
فهذا “الإرهاب” لم يحطّ رحاله بالدّول المعدمة التي لا تستطيع اقتناء ما يمكن أن تحاربه به، وإنّما اختار فريسته بدقّة وخبث كبيرين، فالدّول العربية تملك الثروات التي تمكّنها من اقتناء آخر ما تبتكره مصانع السّلاح، وهي فعلا تقتني كمّيات كبيرة ونوعية من الذّخيرة عساها تردّ هذا الخطر الذي جثم على أرضها دون غيرها، لتضيع الأموال العربية في اقتناء السّلاح كما تضيع جهودها في محاربة الإرهاب، وما تسبّبه هذه الحرب من استنزاف للخيرات ومن دمار كما هو حاصل في بعض البلدان تحديدا.
والمفارقة أنّ الغرب يبيع العرب السّلاح الذي يدمّر اليوم بلدانهم، وغدا سيتولّى هو بنفسه إعادة البناء، ليأتي على ما تبقّى من أموال في خزائنهم
ويبقى في الأخير التّأكيد على أنّ هنالك علاقة وطيدة بين “الإرهاب” واقتناء السّلاح.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024