الحبل يضيق

فضيلة دفوس
15 ديسمبر 2015

 انتصار كبير حقّقته القضية الصحراوية نهاية الأسبوع الماضي بإصدار محكمة العدل الأوروبية حكما يقضي بالإلغاء الفوري للاتفاق الفلاحي الذي أبرم بين المغرب والاتحاد الأوروبي في مارس 2012، لأنه يشمل الأراضي الصحراوية المحتلة، وهو الأمر الذي يتعارض مع القرارات الدولية التي  تنصّ على أن الصحراء الغربية مدرجة ضمن جدول الأقاليم المستعمرة، وقد ذكّرت المحكمة الأوروبية بالمناسبة بمختلف القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة في هذا الشأن.
الحكم هذا الذي جاء ردّا على الطعن الذي تقدّمت به جبهة البوليساريو في 19 نوفمبر 2012، كان وقعه شديدا على الاحتلال المغربي الذي يعيش هذه الأيام على أعصابه وهو ينتظر بقلق محفوف بكثير من الخوف زيارة الأمين العام الأممي إلى المنطقة، والتي بدون أدنى شك ستقود إلى تحريك قطار التسوية السلمية في اتجاه الدفع نحو استئناف المفاوضات لغرض واحد ووحيد وهو تنفيذ استفتاء تقرير مصير الشعب الصحراوي، ما يعني أن خيار “الحكم الذاتي” الذي يصرّ المغرب على فرضه في الصحراء الغربية سيذهب أدراج الرياح ويسحق تحت عجلة الشرعية.
ومعلوم أنه مباشرة بعد توقيع الاحتلال المغربي على الاتفاق الفلاحي مع الاتحاد الأوروبي قبل أزيد من ثلاث سنوات، تحرّكت جبهة البوليساريو نحو محكمة العدل الأوروبية رافعة لاءتها لمنع تنفيذ هذه المؤامرة الخبيثة والسرقة المفضوحة للثروات الزراعية الصحراوية، مقدّمة سببين رئيسيين لموقفها هذا، أما الأول فيقوم على عدم إمكانية الإتحاد الأوروبي إبرام معاهدة تشمل الصحراء الغربية بحكم أنه ليست هناك أي دولة أوروبية تعترف بسيادة المغرب عليها، والثاني يتحدّد في عدم امكانية الاتحاد الدخول في علاقات متميزة مع المغرب، لأن هذا الأخير ينتهك الحقوق الأساسية من خلال استعماره للإقليم الصحراوي.
بعد هذا الحكم التاريخي الذي عزّز الانتصارات المتتالية للقضية الصحراوية، يبقى الأمل معلّق على استيقاظ الضمير الأخلاقي والإنساني الأوروبي لوقف كافة تعاملاته غير الشرعية مع المغرب، وفي مقدمتها إلغاء اتفاقية الصيد البحري التي أتاح من خلالها الاحتلال المغربي لـ 126 باخرة أوروبية بالصيد في مياه الصحراء الغربية المحتلة مقابل تلقيه 40 مليون أورو كلّ سنة،وهو كما نرى نهب يجري في وضح النهار وبتواطؤ غربي  لثروات الشعب الصحراوي  الذي يعيش وضعا مأساويا.
ومن المهم أن نثمّن الخطوة الأحادية التي قطعتها دولة النرويج  من خلال صندوقها للاستثمارات الذي أعلن مؤخرا انسحابه من مشروع للتنقيب النفطي بسواحل الصحراء الغربية بقيمة 5ر4  مليون دولار، لأسباب “أخلاقية” مرتبطة بكون التنقيب يتم بصفة متعارضة مع القانون الدولي . وسبق للصندوق النرويجي أن ألغى مجموعة (توتال) النفطية الفرنسية من استثماراته، بسبب نشاطاتها في المناطق الصحراوية المحتلة.
المؤكد أن الاحتلال المغربي تلقّى صفعة قوية من محكمة العدل الأوروبية، وهي بدون شك ستزلزل كيانه، خاصة وأن حكمها صدر غداة توصل مجلس الأمن الدولي إلى إجماع على ضرورة بعث مفاوضات مباشرة بين جبهة البوليساريو والمغرب قصد إيجاد حل سياسي لنزاع الصحراء الغربية يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، وأيضا مع تجديد منظمة الأمم المتحدة التزامها بدعم جهود تسوية هذا النزاع الذي عمّر طويلا ودخل مرحلة الجمود، من خلال الزيارة المرتقبة لبان كي مون،  والتي من شأنها أن تدفع نحو إيجاد تسوية عادلة لآخر قضية تصفية استعمار في أفريقيا، والمؤشرات - حسب ما نتابعه من تطورات - كلّها تصبّ في هذا الاتجاه معلنة عن قرب الانفراج، فلكلّ ليل آخر مهما طال.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024