شاءت الصّدفة أن تقع هجومات فرنسا الدّموية عشيّة الاجتماع الذي عقد السّبت الماضي في فيينا لبحث الأزمة السّورية.
ورغم أنّ هذا الإعتداء الإرهابي ألقى بظلاله الدّاكنة على اللّقاء، فقد كانت له من ناحية ثانية انعكاسات إيجابية تصبّ في اتجاه حلحلة المعضلة السّورية، حيث أجمع الحضور الذين مثّلوا أكثر من ١٠ دول، على ضرورة التّعجيل بتسوية الأزمة في بلاد الشّام دون الدّخول هذه المرّة في الجدال العقيم حول مصير الأسد، الذي يبقى في كل الأحوال مسألة داخلية يقرّرها الشّعب السّوري تماما كما تقرّر كل الشّعوب وتختار من يتولّى رئاستها وقيادتها.
إجتماع فيينا، حتى وإن لم يأخذ حقّه من التّغطية الإعلامية التي توجّهت في معظمها إلى الإعتداء الإرهابي في باريس، فإنّه سجّل بعض التقدّم من خلال طرح خطّة لعملية سياسية في سوريا تفضي إلى إجراء انتخابات في أجل أقصاه ١٨ شهرا دون تحديد موعد ثابت لها، والاتفاق على السّعي لوقف إطلاق النّار على السّاحة الملتهبة هناك، مع استثناء تنظيم “داعش” الإرهابي المرتقب أن تشتدّ الحرب المعلنة عليه وتوسّع إلى التدخل البرّي كما تردّده الكثير من الجهات.
كما نصّت الخطّة التي طرحها المجتمعون في فيينا، على إجراء محادثات رسمية بين حكومة دمشق والمعارضة بحلول جانفي، ولتجاوز عقدة من هي الجماعات المعارضة التي يمكنها المشاركة في العملية السياسية وتمييزها عن الجماعات الدّموية، تمّ تكليف الأردن بهذه المهمّة التي ستنتهي بوضع قائمة تحدّد التّنظيمات الإرهابية ليسهل فيما بعد مواجهتها عسكريّا.
يبدو أنّ ليل سوريا قد ينجلي قريبا، خاصّة ونحن نسمع وزير خارجية أمريكا “جون كيري” يقول بأنّ “تأثير الحرب ينزف في جميع دولنا...حان وقت وقف النّزيف في سوريا...”.
فعلا لقد حان الوقت لإنهاء المأساة التي تطال الشّعب السّوري منذ خمسة أعوام، والتي خلّفت مئات الآلاف من الضّحايا وملايين اللاّجئين الذين سيجعلهم كثيرون شمّاعة يعلّقون عليها ما ارتكبه “داعش” الإرهابي من اعتداء مروّع في باريس.
قالها كيري إذن: “حان الوقت لوقف النّزيف في سوريا”، فهل سيتجسّد القول فعلا أم هي مجرّد تصريحات جاءت تحت وقع الصّدمة؟