يبدو أن الوهن وأضغاث أحلام قد تداعتا على غفوة جارنا الملك، فاختلطت عليه الألوان ، الباهتة والزاهية، فصارت جميعها خضراء، لا تسر الناظرين، في غفوة من تداعياته، توهم أن الأرض جميعها له، فبهت الذي أصابه الوهن ، وخرج كعادته القديمة واضعا يده على جرح ظل ينزف أربعة عقود ونيف، محاولا استمالة ممن استرق السمع له، مشككا في الأوطان مستضعفا شعوبها متوهما حقه المشروع على أرض الصحراء الغربية، الأرض التي أنصفتها الدول الصديقة والبعيدة، القضية التي رافقتها المواثيق الأممية، مصنفة إياها بتصفية استعمار، بالرغم من اللوائح العديدة التي أصدرتها الهيئات الأممية من أجل استفتاء تقرير المصير، إلا أن دار لقمان ضلت على حالها.
ما حز في نفسي وانا أعيد قراءة بعض السقطات التي وقع فيها خطاب صاحب جلالته، حلمه البائس وترديده لتلك الطلاسم حول تندوف وما جاورها، متغنيا فيها ببهرجة وجبروت دون حياء، ولو قيد أنملة. إلى أن تذكرت «بأنهم كذلك يفعلون»؟
تحاول طلاسم المخزن في كل خرجة تقدم عليها، ذر الرماد في الأعين، قصد تمرير خيبة النعام الهارب من ظله الأزلي، مستعينا في كل مرة بتغليط الرأي العام حول دعوته النشاز «للصحراء المغربية»، عوض الصحراء الغربية، مقدما في الجهة الأخرى مدينتي سبتة ومليلية على طبق من ذهب للإفرنج.
الحديث عن شعب تحت الاحتلال، هو حديث عن تاريخ وأمجاد حضارة تمتد إلى الساقية الحمراء ووادي الذهب، هو حديث عن مقومات أوجدتها الحقب الزمنية، هو أيضا حلقة من الثقافات والعادات الضاربة في عمق الصحراء الغربية أريد لها أن تختفي من ذاكرة المجتمع.
فهل يعقل أن تمحو الحروب أوجاع أمة تناضل من أجل تواجدها وتحررها ؟ وهل ما جنته الشعوب المضطهدة من ويلات الاستعمار والاستغلال ومحاولة طمس هويتها أنساها ماضيها أو قلل من شأنها للدفاع عن شرفها؟
كل هذا لم يحدث ولا وجود لمثله في تاريخنا القديم ولا في حديثه، فكل المستعمرات نالت استقلالها بقوة السلاح والتفاوض سواء في شمال المعمورة أو في جنوبها، وسيكون نفس المصير للقضية الصحراوية التي سوف تنال استقلالها عاجلا أم آجلا، طالما الشعب الصحراوي مستعد أن يموت من أجل قضيته وأرضه.