الاحتلال هو الاحتلال، لا يمكن أن نطلق عليه إسما آخر.
اليوم ونحن نستذكر مرور 40 سنة على مسيرة العار «المسيرة الخضراء» التي لم تكن في حقيقة الأمر إلا تغطية على عملية احتلال عسكري مباشر، نفذها الجيش المغربي نهاية شهر أكتوبر 1975، بعد أن زجّ به الملك الحسن الثاني آنذاك، في هذا المستنقع للتخلص منه كسلطة موازية يمكنها أن تحدث الفارق أمام سلطانه المطلق. وبالفعل، تم توريطه في ارتكاب فظاعات ومجازر في حق الشعب الصحراوي الأعزل، الذي ظنّ في ذلك الوقت أن انسحاب الاستعمار الإسباني الذي جثم على صدره حوالى قرن من الزمن عاث خلالها في أراضيه فسادا ونهبا وتقتيلا، سيتمكن أخيرا من استنشاق عبق الحرية ويحقق دولته المستقلة على أراضيه كسائر شعوب الأرض وستكون المملكة المغربية في مقدمة المباركين والمناصرين، ولم يتوقع أبدا أن يتلقى الطعنة الأولى في الظهر - من جار قريب - طعنة تعيده إلى زمن الاستعمار البائد الذي يعود إلى القرن الماضي. ولكن الأطماع التوسعية والنوايا الاستعمارية أعمت عيون الحسن الثاني وجعلته لا يراعي في الصحراويين أدنى الاعتبارات لأواصر الجوار، الأخوة والدين الواحد والقائمة طويلة... وقام بالانقضاض على أراضيه لتبدأ حقبة جديدة من معاناة الصحراويين وتبدأ معها مناورة مغربية جديدة بعد أكذوبة «المسيرة الخضراء» وهي اتفاقية مدريد التي عرض فيها المغرب على كل من إسبانيا وموريتانيا اقتسام الأراضي الصحراوية كغنيمة حرب وهذا ما يثبت مرة أخرى أنه ليس للمغرب أيّ حق في هذه الأراضي ولو كان الأمر كذلك لما قبل باقتسامها.
نعم. إن الاستعمار ملّة واحدة والاحتلال المغربي في الصحراء الغربية لا يشذ عن هذه القاعدة، حيث إن ما يقوم به المغرب اليوم وما يبشّر به من مشاريع تنموية في الأراضي المحتلة، يذكرنا بما كان يقوم به الاستعمار الفرنسي في الجزائر ومشروع قسنطينة الشهير تحديدا الذي أطلقه الجنرال ديغول سنة 1958 - بعد فشل سياسة الأرض المحروقة لإخماد الثورة - حين عزف نغمة تحسين وضعية الجزائريين ومنحهم المزيد من الحقوق والامتيازات بهدف شراء ذممهم لعزلهم عن ثورتهم - أو كما كان يظن هو- لكنه نسي حينها، أن المسألة قضية مبدأ وليست مسألة خبز، كما يتناسى الملك المغربي محمد السادس اليوم تماما - وما أشبه التفكير الاستعماري - أن الشعب الصحراوي الذي يعده بجنته الموعودة من جهة ويعمل كلّ ما في وسعه من أجل تجويعه وتعريته في مخيمات اللجوء بتندوف من خلال العمل على قطع كل المساعدات الإنسانية عنه، نسي أن هذا الشعب شأنه شأن كل الشعوب الثائرة من أجل الحرية، لا تقبل إلا أن تزفّ إما في مواكب الشهادة أو في أعراس الحرية، وهذا ما يؤكد مرة أخرى أن الاستعمار واحد في خبثه وبطشه وفي سياسة الاستمرار في الظلم والطغيان والهروب إلى الأمام ويؤكد المقولة الشهيرة للجنرال الفيتنامي «جياب» مهندس ديان معركة (ديان – بيان- فو) «الاستعمار تلميذ غبي» لا يستوعب الدروس، والحالة الصحراوية تؤكد ذلك.
في الأخير يبقى أن الأيام وحدها ستثبت أن الاحتلال إلى زوال ولكن الاستعمار لا ينتبه إلى ذلك عندما يرتطم بالحائط.
الاستعمار ملة واحدة...
أمين بلعمري
08
نوفمبر
2015
شوهد:576 مرة