تعتبر الذكرى 53 لبسط السيادة الوطنية على الإذاعة والتلفزيون، محطة للوقوف عند دور الإذاعة والتلفزيون في ترقية الخدمة العمومية وخدمة المجتمع، لأن انفتاح السمعي البصري في الجزائر كشف الكثير من الانحرافات التي يجب الوقوف عندها.
لقد أخذ الإعلام السمعي البصري في الجزائر أهمية كبرى منذ الاستقلال، حيث ساير مختلف التحولات التي عايشتها الجزائر وكان المنبر الحكيم للحفاظ على البلاد والعباد.
وقد تعامل التلفزيون الجزائري بعد الاستقلال بحكمة مع مختلف الأحداث، حيث حافظ على المصلحة العامة للأمة.
وكان الأمر كذلك مع الأحداث التي شهدتها الجزائر وفوق ذلك انخرط التلفزيون الجزائري في نصرة القضايا العادلة وتوعية الشعب الجزائري بمختلف القضايا في العالم، وكان الإعلام هو الذي يصنع الرأي العام وتجلى ذلك في حروب العرب ضد إسرائيل، والدفاع عن مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير على غرار الصحراء الغربية.
وبالرغم من نقص الإمكانيات وانعدام الوسائل التكنولوجية، إلا أن الإعلام السمعي البصري كان حاضرا وحاول ضمان الخدمة العمومية في أرقى صورها من خلال نقله لرسائل السلطة ونقل انشغالات المواطن، كما كان الإعلام السمعي البصري محطة لبروز الكثير من النجوم الصحافيين الذين حققوا نجاحات كبيرة بفضل أدائهم الراقي.
التحولات التي عرفتها الجزائر بعد إقرار التعددية في 1989 واكبها الإعلام السمعي البصري من خلال قانون إعلام 90 - 07، ووسع من نشاطه وتركيبته، وعاش الإعلام العمومي آنذاك أرقى صور التعددية من خلال استضافة شخصيات حزبية مختلفة التوجهات وهي البرامج والمضامين التي استقطبت أكبر نسب مشاهدة، تعجز حتى كبرى القنوات الخاصة عن تنظيمها.
وتعرض الإعلام السمعي البصري للكثير من الضغوطات في العشرية الدموية، حيث فقد العشرات بين صحافيين مثل إسماعيل يفصح ورشيدة حمادي وتقنيين بعد اغتيالهم من الجماعات الإرهابية، ولم تثن الهمجية رجال الإعلام من مواصلة تقديم الأخبار وفضح مختلف الممارسات الهمجية حتى تمكنت الدولة وكل القوى الوطنية الحية من دحر الإرهاب، واستفاد التلفزيون الوطني من قنوات جديدة وكفاءات على أعلى مستوى كان لها الفضل في النهوض بالإعلام العربي، وحتى هجرة خيرة الصحافيين لم تؤثر على المستوى العام واستمر العطاء، واكتشاف الكثير من الإعلاميين الذين لهم الفضل كذلك في بعث العديد من القنوات الخاصة التي ظهرت مع إطلاق قانون السمعي البصري.
وتعتبر ذكرى 28 أكتوبر لبسط السيادة على مبنى الإذاعة والتلفزيون محطة للقنوات التلفزيونية الجديدة، التي استفادت من قانون جديد في أفريل 2014 لتقييم نفسها ومراجعة مضامينها المبنية على التعنيف والتهريج والإطناب في المواضيع التي تسعى من خلالها لاستقطاب المعلنين وفقط، بينما تبقى الخدمة العمومية بعيدة كل البعد عن عملها، كما أن محاولتها في الكثير من الأحيان اللجوء لمواضيع تثير الفتنة إلا دليل على أنها تفتقد لأدنى إستراتيجية وندمت كلها على وصف القناة الوطنية سابقا باليتيمة بعد أن اكتشفت حقيقة السمعي البصري.