المنعرج الحاسم

جمال أوكيلي
24 أكتوير 2015

الصدمة البترولية ولدت خطابا اقتصاديا جديدا يتجه نحوالشروع في شطب النظرة الأحادية في مصادرالدخل اعتمادا على أبجديات في مثل هذا النشاط.
كالعودة إلى مفهوم “ المؤسسة” كمنظومة كاملة لخلق الثروة والقيمة المضافة بإدراج كل هذا في إطار ما يعرف “ بالتنويع”  في الأداء باتجاه النجاعة والجدوى.
هذا التوجه المسجل حاليا حتمية لا مفر منها ولا خيار أمام الجزائريين سوى التفكيرقويا في الانتقال بهدوء إلى مرحلة أخرى شعارها الاتكال على الذات، واستثمار كل الكفاءات العلمية والموارد البشرية القادرة على السير في هذا النهج مهما كانت الآثار المترتبة عن ذلك، لأنه لا يمكن أبدا ربط عائدات مادة طبيعية بالتنمية الشاملة كلما ـ لا قدر الله ـ تعرضت لهزة بفعل فاعل، نشعر بارتداداتها كيفما كانت قوتها.
وبقدر ما نلمس هذه الحقائق في الواقع بقدرما يجري العمل على البحث على الحلول الجذرية التي تمكن الجزائر التخلص من تبعيتها للبترول، ولا يهم إن ارتفع هذا السعر في غضون الآفاق القادمة، لأن المنطق يقول بأنه لا يمكننا انتظار السنوات الآتية ليصل السقف الذي نريده لأن هذا من مهام المنظرين والخبراء وذوي الاختصاص، لكن بالنسبة للمسؤول هوالإسراع في ايجاد الإجابات اللازمة في الحين وفورا حتى تكون ما يسمى بـ« الرؤى واضحة”.
وهذه “القناعة” بصدد الترسخ في أذهان الكثير وكل العمل سيكون في هذا الاتجاه الصعب والأليم أحيانا كوننا لم نتعود عليه ولم يتبادر إلى عقولنا أبدا بحكم عدة اعتبارات وهذا الأمر يتطلب وقتا للتكيف معه والأكثر من هذا جهدا مضنيا وشاقا لا يخفى على أحد حتى يتم تجاوز هذه المرحلة القاسية.
لذلك، فإن السلطات العمومية أقرت بأن المداخيل تقلصت بحوالي ٥٠ ٪ والرقم نراه مذهلا من زاوية ما كان عليه من ضمان في سيرورة المشاريع الاستراتيجية، فمن الصعوبة تعويض بين عشية وضحاها، لكن الدعوة ملّحة   وصريحة في انتهاج تفكير آخر في السياق الراهن يحمل بوادر الواقعية الاقتصادية، فبالتوازي مع إجراءات ترشيد النفقات وترتيب الأولويات وتضيف الاحتياجات هناك تحرك باتجاه إعادة الاعتبار للمؤسسة الجزائرية وجعلها جزء لا يتجزء من المسعى القائم على خلق الثروة وهذا هوالتحدي الكبير الذي يخرجنا  مستقبلا من هذه الضائقة.
لذلك، فان أولى هذه المؤشرات هي التحلي بالتنافسية واقتحام الأسواق الخارجية أي التصدير. صحيح أن الأمر ليس سهلا لأننا سرنا على مجال معين شغله الشاغل السوق المحلية، هذا لا  يمنع أبدا من العلم وفق النظرة المراد السير عليها وهي الآن بصدد التطبيق في الميدان.
وهذا التحول في السلوكات لابد منه لدخول فضاء آخر يختلف اختلافا جذريا عن سابقيه، خاصة في كيفية توفير وتسييرالمداخيل بالعملة الصعبة، باستحداث  التوازن ما بين هذه الإرادة تجاه المؤسسة وايجاد الإطار الضروري للاستثمار الخارجي لتكتمل هذه المعادلة على أسس صحيحة وسليمة في أداء الدور المنوط بها على الصعيد الاقتصادي.
ولابد من القول هنا، إن مجلس الوزراء لـ٦ أكتوبر الأخير كان واضحا في إعطاء الأرقام المتعلقة بمسار ميزانية ٢٠١٦، مع دعوته لتوخي الحذر والحيطة خلال هذه الفترة مع الاحتفاظ بنسبة نحو تقدر ٦ ٫ ٤ ٪ والتحويلات الاجتماعية بـ ٥ ، ٧  ٪، وتخصيص ٤٠ ٪ للاستثمار و٢٠  ٪ للتنمية البشرية، وهذا كله من أجل الإبقاء على تلك الالتزامات القوية إزء استقلالية القرار الاقتصادي الجزائري الذي لا يخضع لأي ضغوط خارجية التي تحاول استغلال هذا الظرف  لفرض املاءاتها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024