دون شك فإن تخصيص يوم وطني للصحافة يعد في جوهره محطة حقيقية يقف عليها الإعلامي الجزائري لرصد ما تحقق من مكاسب على صعيد الاحترافية وما ينقصه في مسار مهنة المتاعب ليؤدي دوره كما ينبغي، ولعل هذه المحطة الوطنية مناسبة فعلية يمكن من خلالها تجديد الثقة لبلورة وتعزيز التجربة المحققة وطنيا في المشهد الإعلامي.
وإن كان الصوت الإعلامي ذو خصوصية وتأثير وباعتبار الكلمة والصورة ذات تأثير على المجتمع والرأي العام بشكل مدهش، يلقى على عاتق الإعلامي مسؤولية تأدية مهنته باحترافية ونقل المعلومة بدقة وبعد التحري عن صحتها والتحلي بالمصداقية في معالجته للأخبار دون تهويل وإثارة أو تحيز، لكن يمكن القول أن الممارسة في الميدان قد تكشف عدة مفاجآت والانفتاح على حرية الإعلام من خلال بروز القطاع الخاص يتطلب تنظيما كبيرا وتجندا حتى لا تفقد المهنة بريقها والأداء احترافيته، ويمكن برؤية تأملية الوقوف على النقائص والثناء على مكاسب وخطوات إيجابية حققتها الصحافة الجزائرية في وقت قصير من الزمن لا يتعدى العقدين والنصف من عمر الانفتاح وقبل ذلك ساير الإعلام العمومي ومنذ الاستقلال مسار الدولة الجزائرية الحديثة في تحديات النمو والتخلص من التخلف الذي فرضه المستعمر طيلة فترة زمنية طويلة ومرهقة. يجب التأكيد أن الإعلام ينبغي أن يقول كلمته بصدق، لذا يحتاج إلى تنظيم حتى تسترجع السلطة الرابعة هيبتها وفعاليتها في الحياة الوطنية، ولا يعقل أن تتكرر تجربة فوضى الصحافة المكتوبة في قطاع السمعي البصري لأن القطاعين في حاجة إلى ضبط وتنظيم و لا يفتح أبواب الاستثمار فيه سوى للمهنيين ويقطع الطريق أمام الدخلاء الذين ليس لهم علاقة بالإعلام، لأنه لا يرقي الأداء سوى الصحفي الذي تمرس في مهنته وتلقى تكوينا جيدا ومارس في الميدان وتحمل مشقة الحصول على المعلومة. ولأن هذا اليوم الوطني مهم جدا أن نسلط فيه الضوء على اهتمامات وانشغالات الإعلاميين الذين للأسف مازالوا يفتقدون إلى تنظيم نقابي بتمثيل قوي وديمقراطي يساهم في تطهير المشهد الإعلامي، ويشهد للنقابات تأثيرها على التأطير والتكوين والتنظيم وحتى لا يهضم حق الصحفي ولا يجحف في حقه لأن الظروف الجيدة التي تحيط بمناخ عمل الإعلامي مهمة في تقدمه ورقي عطائه.
وبنظرة تفاؤلية ورغم تأخر ميلاد سلطة ضبط الصحافة المكتوبة تبقى الآفاق واعدة بالنظر إلى نجاح الإعلاميين الجزائريين الذين تخرجوا من الإعلام الخاص والعمومي وتألقوا خارج بلدانهم أي في البلدان العربية والأجنبية فهذا يعكس مستوى الأداء والتمرس الذي بلغه المشهد الإعلامي في الجزائر لذا من الضروري التطلع إلى المزيد من الاحترافية والتنظيم وكذا التركيز على التكوين في ظل الانفتاح الذي يعرفه قطاع السمعي البصري الذي من المنتظر أن يستقطب عددا معتبرا من الاعلاميين.