تحتل الكتابات الساخرة حيزا مهما من الحضور والابداع، على صفحات الإعلام المكتوب، تدغدغ أذهان القارئ وتخرجه من قوقعة الرسمي إلى حيز أكثر تحررا وتواجدا، سواء كان ذلك الحيز من الحروف أو الرسومات الكاريكاتورية، وبما أن الحديث
في ملف “الشعب الثقافي” هذا الأسبوع يتطرق لهذا النوع من الآداب، فإنما هو متابعة لما يعرفه المشهد الثقافي والإعلامي من تطورات ومستجدات، ترافقها الأقلام بهذا النوع من الكتابات الساخرة.
لاشك أن تاريخ الكتابات الساخرة ليس وليد اليوم، وإنما يمتد إلى تاريخ أدبنا القديم، من خلال تلك الخطب والمراسلات الهجائية التي كان الأولون ينتقدون فيها الحاكم أو القبيلة، وتكون في قالب من الكلام المنظم الساخر بلغة قوية، لا يفك رموزها إلى القلة القليلة، ثم تطورت تلك الكتابات، رغم بقاءها في السياق المحتشم ومحصورة على فئة دون أخرى من جمهور القراء ومن زمرة الكتاب، الذين يسعون إلى كسر المتعارف عليه.
الجزائر عرفت هي أيضا الكثير من الأسماء سواء في أربعينيات القرن الماضي أو في ما بعد، بل حتى أن الصحافة المكتوبة رافقت هذه النمطية من الكتابة، فمع بداية التعددية السياسية في الجزائر عرفت الصحافة هي الأخرى العديد من العناوين، ممن تخصصت في الكتابة الساخرة، رغم أن جمهورها كما سبق وأن
ذكرت ليس بالجمهور الواسع بل من النخبة وكبار الساسة، فعلى سبيل الذكر لا الحصر كل من جريدة الصح آفة، الوجه الآخر، المنشار، وهناك الكثير من الأعمدة التي كان أصحابها يسجلونها أسبوعيا أمثال العمودي السائحي رضا حوحو، وعمار يزلي بن زرقة، راشدين، قارة علي، الصغير سلام، حسان زهار ...إلخ.
يرافق هذه الأقلام أيضا الرسومات الكاريكاتورية التي اشتهرت وكان حظها مثل حظ الكتاب أو أكثر على غرار عبدو، بوخالفة، لعلام، وغيرهم.
الكتابة الساخرة هي البحث عن متنفس آخر، يضمن حرية الكلمة في أقرب وقت ممكن بأكثر حدة، تصل الرسالة قبل وصول الشخص، ولنا في مشهدنا الكثير من هذه الأسماء التي اختارت هذا النهج من الكتابة وسجلت نفسها بقوة وكان حضورها في المشهد بقوة، حيث يختلف نوع الكتابة حسب نوع الشخص والرسالة المراد تبليغها في قالب فكاهي غير مضحك ساخر لا يسئ ولا يخدش أخلاق الآخر ولا يقلل من شأنه.
الكتابات الساخرة.. شيفرة المطلق
نور الدين لعراجي
18
أكتوير
2015
شوهد:858 مرة