نهاية النفق

فضيلة دفوس
13 أكتوير 2015

هل هو الانفراج في ليبيا؟ الأمر قد يبدو كذلك بعد أن توّجت جولات الحوار المكّوكية التي جمعت الفرقاء هناك تحت رعاية الأمم المتحدة بمقترح حكومة وفاق وطني  ستكون بكلّ تأكيد همزة وصل بين جميع الليبيين، وقوّة دفع تعيد قطار التغيير إلى سكّته الصّحيحة بعد أن ضيّعت التجاذبات السياسية والاصطدامات الدموية وجهته الصحيحة فضاع في متاهة العنف والفوضى ومعه فقدت البلاد بوصلتها وباتت وحدتها الشعبية والترابية على حافة التفتّت، وتحوّلت الزعامة إلى كرة تتقاذفها حكومتان واحدة معترف بها دوليا تستقر بطبرق ولها برلمانها وجيشها، والثانية تقيم في طرابلس ولها هي الأخرى برلمانها ومليشياتها، وبينهما تنظيم “داعش” الارهابي الذي مدّد مساحته ووسّع إجرامه مستغلا صراع الإخوة الأعداء على سدّة الحكم التي لا تتّسع في النّهاية إلاّ لشخص واحد يختاره الشعب و لا يفرض بقوّة السّلاح.
الاتفاق على تشكيل الحكومة التوافقية المرتقب التوقيع النهائي عليه الاثنين القادم، هو بدون شكّ بمثابتة طوق النجاة الذي سينقد ليبيا من الانزلاق إلى حرب أهلية ستمدّ بكلّ تأكيد نار لهيبها إلى الجوار الذي عانى لحدّ الآن من إرهاصات المعضلة الليبية وأصبح يعيش تحت تهديد السّلاح المهرّب من مخازن النظام السابق والذي أصبح مستباحا للجميع.
الضوء في نهاية النفق بدأ يتجلّى من بعيد، وعلى الأشقاء في ليبيا أن يتجاوزوا ما بقي من عراقيل ليبلغوا البرّ الآمن، ولا يمكن اعتبار المرحلة القادمة سهلة أو مفروشة بالورد، بل على العكس تماما، فهناك تحدّيات كبيرة وعقد كثيرة يجب حلحلتها، والمهمّة تتطلّب بالضرورة تنازلات من هذا الطرف وذاك، كما تستدعي إعلاء المصلحة الوطنية على المصالح الذاتية الضيقة، ففي النهاية الجميع سيخرج منتصرا.
وبعد الاتفاق السياسي، يصبح ممكنا الالتفات بجدّية لتطويق الأزمة الأمنية ومواجهة الإرهاب “الداعشي” الذي لا يجب الاستهانة بخطره ولا بخبث ونذالة وحتى قوّة الذين زرعوه قنابل موقوتة في الكثير من البلدان العربية.
أمام ليبيا اليوم طّريق الخلاص، ومن الضروري السّير فيه إلى النهاية بمرافقة الأمم المتحدة والبلدان الشقيقة وفي مقدّمتها الجزائر التي عارضت منذ البداية عسكرة الحلّ هناك و رافعت لأجل ايجاد تسوية سلمية عاجلة، ولم تكتف بالكلام، بل فتحت أحضانها  لليبيين واستضافت جولتين من الحوار في شهري مارس وأفريل الماضيين، وكانت المبادرة التي كلّلت بالنجاح واعتبرت جولتا الجزائر بمثابتة الأساس لجولات حوار أخرى جرت في العديد من الدول وتوّجت نهاية الأسبوع الماضي بمقترح تشكيل حكومة توافقية.
ويبقى الأمل الكبير في أن يدرك الليبيون الانجاز التاريخي الذي حقّقوه، لينفّذوه على أرض الواقع ويواصلون العمل سوية من أجل إعادة الأمن والاستقرار للبلاد  فيكفي أربع سنوات من عمرهم ضاعت هباء منثورا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024