الغذاء ضمانة الأمن الشامل

سعيد بن عياد
10 أكتوير 2015

لا تزال إشكالية الأمن الغذائي في صدارة الانشغالات الوطنية الكبرى باعتبارها جوهر الأمن الشامل للأمة وضمانة تحصين المكاسب. ولذلك يطرح السؤال في كل مرة بشأن السياسة الملائمة لتحقيق الأمن الغذائي حاليا وخاصة في أفاق سنة 2025، في ظلّ التقلبات التي تعرفها الأسواق العالمية للغذاء بفعل تداعيات أزمة أسواق المحروقات ومصادر الطاقة بما فيها المياه.
وينبغي أن تدرج مسألة الأمن الغذائي في كل المواعيد التي يلتقي فيها الفاعلون الاقتصاديون وشركائهم الاجتماعيين على غرار قمة الثلاثية المرتقبة في 15 أكتوبر الجاري، أي عشية اليوم العالمي للغذاء الذي يشير إلى ضرورة الرفع من وتيرة الاقتصاد العالمي في ظلّ السلم والاستقرار وعدالة توزيع استثماراته لمواجهة الفقر والجوع وفقا لمبادئ الأمم المتحدة حول التنمية البشرية.
في هذا الإطار، أدركت بلادنا أهمية رفع هذا التحدي باعتماد برامج ومشاريع واسعة من شأنها أن ترسي معالم بناء سياسة أمن غذائي حقيقي من خلال الاستثمار في الفلاحة بكافة فروعها واستصلاح الأراضي لصدّ التصحر الذي يزحف في صمت واقتصاد المياه لمواجهة الجفاف الذي لا يزال هاجسا بالغرم من التقدم في انجاز السدود في انتظار استكمال كافة المشاريع المسطرة.
ولعلّ الارتكاز منذ السنوات الأخيرة على سياسة التنمية الريفية التي بعثت الحياة في ربوع التراب الوطني بتنوع تضاريسه هو أحد المسارات التي يمكن توقع نجاحها في المديين المتوسط والطويل لما أظهرته من مؤشرات تعكس سلامة الرؤية الإستراتيجية القائمة على وضع الأسرة في قلب المعادلة. إنها معادلة الاستثمار الجواري الموجّهة للإنسان ليتصالح مع محيطه الطبيعي فيحوله إلى أرضية صلبة للاستقرار والإنتاج والمساهمة في النمو.
وبالطبع، يقود هذا الخيار الذي يستوجب إخضاعه للمتابعة والتقييم باستمرار للحفاظ عل جانب النجاعة للتحكم في التمويلات حتى تنتج القيمة المضافة والرفع من وتيرة الإنتاج إلى تثبيت عوامل التنمية المستدامة والدفع بها إلى الاستمرار في المستقبل بحيث لا ترتبط حينذاك بالدعم العمومي المباشر إنما تحتاج فقط للمرافقة الفنية والتسويقية والتأطير التقني لتحسين الإنتاج تحسبا للتصدير.
ولعلّ اختيار بسكرة محطة للثلاثية التي تثير اهتمام عامل الشغل والاقتصاد رسالة لإدراك مدى الثقل الذي يمثله الأمن الغذائي في المنظور الاستراتيجي ومن ثمة يكون في مقدمة مخططات كل شريك وفي جوهر كل برنامج استثماري فيتم إطلاق جسور التكامل بين القطاعات الحيوية التي تملك فيها الجزائر قدرات معتبرة كالفلاحة والصناعة التحويلية الغذائية والسياحة والجامعات بحيث ينبغي أن يراعي كل قطاع احتياجات القطاع الآخر فيخدمه لبلوغ الهدف الوطني لبناء أسس الأمن الغذائي في ظلّ التنافس على احتكار أسواق الغذاء ومصادره.
ويقتضي هذا، انخراط المستثمرين والمؤسسات الاقتصادية بدعم من البنوك ضمن مشاريع جادة وواضحة المعالم وخاصة بالشراكة الجزائرية العمومية الخاصة في ديناميكية النهوض بالتنمية باقتحام ميادين الاستثمار في المحاصيل الكبرى ومختلف الفروع التي لا تزال تابعة للأسواق الخارجية كالحليب واللحوم والفواكه الجافة، علما أن برنامج الاستصلاح الزراعي في الهضاب العليا والجنوب، يوفّر العقار اللازم مميزا بوجود مصادر المياه الجوفية التي حان وقت إقحامها في التنمية الشاملة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024