الجزائر في عيون الصينيين

فنيدس بن بلة
07 أكتوير 2015

«لا يمكننا نسيان ذلك الموقف التاريخي والقرار الحاسم التي اتخذ في الجمعية العامة للأمم المتحدة برئاسة وزير الخارجية الجزائري آنذاك السيد عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجمهورية حاليا. هذا القرار التاريخي الذي مكّن الصين من استعادة مقعدها الطبيعي في الهيئة الأممية بدل تايوان يبقى راسخا في ذاكرتنا الجماعية”.
إنها مقولة رددها كل صيني عند التقائنا به في بكين وفي أي موقع بجوار العاصمة التي تحوّلت إلى وجهة عالمية بامتياز.
يردد الصينيون هذا الكلام عائدين بالذاكرة إلى حقبة السبعينيات وما أحدث من تغيير في العلاقات الدولية آنذاك بدخول عهد الوفاق بعد التعايش السلمي والحرب الباردة التي امتدت على مدار السنين بين عملاقي المعمورة آنذاك الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة قبل دخول الصين وأقطاب أخرى الخارطة الدولية والمشاركة في صنع القرار بعيدا عن القطبية الثنائية.
يردد الصينيون هذا الكلام بنرجسية متوقفين عند مسار العلاقات الثنائية بين الجزائر وبكين المبنية على روح الصداقة والاحترام المتبادل، سيما وأن البلدين وقّعا اتفاقا استراتيجيا بينهما يؤسّس لروابط تاريخية وثوابت في ظلّ المتغيرات. وهي ثوابت استمدت من قيم ثورتي البلدين المناهضين للاستعمار المساندين لحركات التحرر والقضايا العادلة، المرافعين للحلول السلمية في تسوية النزاعات بعيدا عن الخيار العسكري والتدخل الأجنبي.
من هنا تظهر للعيان كيف دعمت الصين جهود وساطة الجزائر في إعطاء دفع للحوار الليبي بعد نجاح التجربة مع مالي وتتويج اللقاءات باتفاق سلام ومصالحة.
يعترف الصينيون بجهود رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في ترقية العلاقات الثنائية وإقامة شراكة إستراتيجية وفق قاعدة تقاسم المنافع وتحويل التكنولوجيا. وظهر هذا جليا في مشاركة الرئيس المتميزة بالمنتدى الصيني الإفريقي عام 2006، الذي يحتفل بذكرى تأسيسه الـ 15 هذا العام، ومرافعته لإقامة شراكة تساعد على تطوّر البلدان الأفريقية وتقدمها. وقد بلغ حجم المبادلات بين المجموعين الصين أفريقيا طيلة هذه المدة 220 مليار دولار. وتجري التحضيرات الكثيفة من أجل إقامة منتدى التعاون الصين / أفريقيا يومي 4 و5 ديسمبر الداخل بجنوب إفريقيا.
يعترف الصينيون كذلك بما رافع من أجله الرئيس خلال زياراته إلى الصين لإعطاء قوة وحرارة للعلاقات الثنائية التي حافظت على بريقها عبر الزمن ولم يعترضها أي طارئ.
ونفس الموقف أبداه الصينيون في التعليق عن زيارة الوزير الأول عبد المالك سلال شهر أفريل المنقضي قبل زيارة رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح.
وأبدى لنا إطارات وعمال صينيون التقيناهم ببكين سعادتهم بالمساهمة عبر مؤسسات تنشط بالجزائر في إنجاز مشاريع عدة في مجالات البناء والعمران والأشغال العمومية والمواصلات وتكنولوجيات الإعلام والاتصال. وقال لنا أحدهم ينشط بشركة هواوي، أن الجزائر في ظلّ وتيرة النمو بإمكانها أن تكون القطب الاقتصادي القادم بأفريقيا، لاعتبارات عدة منها الموارد البشرية المؤهلة خريجة الجامعات ومراكز التعليم والمدارس العليا. وهذه الكفاءات ـ حسبه ـ يلمسها يوميا من خلال الاجتماعات والعمل الميداني مع الجزائريين.
ويزيد في قوة هذا الطرح حسب الإطار الصيني، اعتماد الجزائر على المخططات الخماسية التي تحدّد الأهداف وتسخّر الوسائل لبلوغها تماما مثل الصين التي انتهجت ولا زالت هذه السياسة من خلال المخططات منذ بداية الثمانينيات في عهد الرئيس دانغ كسياو بينغ.
وقال أحدهم تجاوب مع الحديث الدائر بيني والإطار الصيني العامل بشركة هواوي أنه مندهش للتحوّل السريع بالجزائر التي تحمل غيرة لا توصف باللحاق بركب الدول الناشئة مستغلة الإمكانيات المتوفرة لها واتخاذ من تجارب الآخرين، سيما الصين مرجعية لبناء الذات وفق استقلالية قرار يحمي السيادة ويؤمنها من أي طارئ.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024