أعطى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة تعليمات من أجل مواجهة الظرف المالي الصعب الذي تعرفه البلاد، موجها أوامر للحكومة باعتماد صرامة في ترشيد النفقات ونجاعة في التسيير وتوخي الحذر تجاه تداعيات اضطرابات سوق المحروقات.
ودعا الرئيس خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء، السلطات العمومية إلى التحسيس بخطورة الوضع المالي المنجر عن تراجع أسعار المحروقات، التي تشكل غالبية مداخيل الجزائر الممولة الرئيسية للمشاريع والنفقات العمومية.
إن التحسيس بالظرف العام وتقلبات السوق النفطية يعد أساسيا في إقناع الشعب وتفهمه وانخراطه في مسعى البناء ومسار التقويم والتجدد.
وقال الرئيس بوتفليقة في هذا المقام، بعد أن دعا المستثمرين الوطنيين إلى الانخراط في مسعى خلق الثروة والتشغيل، «بفضل فهم تام للوضع الراهن سينضمّ الشعب للجهود الضرورية للحفاظ على استقلالية القرار الاقتصادي للبلاد والتي تبقى أساسية لمواصلة سياسة مطابقة لقيمنا المتمثلة في العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني».
وكشف الرئيس في توجيهاته وتعليماته للهيئة التنفيذية في ذات الوقت، عن مواصلة السياسة الاجتماعية المتمثلة في دعم المواد الأساسية وتشجيع الاستثمار المنتج الذي يعد مخرج الأزمة الأبدي المؤمّن من اهتزازات واضطرابات.
وتظهر هذه السياسة مدى التزام رئيس الجمهورية ببرنامجه الانتخابي، الذي وعد من خلاله المواطنين التكفل بهمومهم وانشغالاتهم، باعتماد سياسة العدالة الاجتماعية وتطبيق، دون كلل، البرامج والمخططات التي شرع فيها منذ الألفية.
ولإزالة الشكوك والرد على الأصوات النشاز، جاءت توجيهات الرئيس وتعليماته صريحة تحمل مؤشرات خارطة طريق للحاضر والمستقبل، يتصدرها مواصلة السير على نهج دعم الاستثمار والسياسة الاجتماعية، رغم تراجع المداخيل بـ50 من المائة وهذا بالاعتماد على موارد صندوق ضبط الواردات المؤمّن دوما من الصدمات الخارجية، بحسب ما يؤكد عليه أهل الاختصاص من خبراء اقتصاديين ومتتبعين للشأن الجزائري.
اعتمادا على هذه المؤشرات والنظرة الاستشرافية للرئيس بوتفليقة، جاء الجواب على السؤال المحيّر، ما العمل وكيف السبيل لمواجهة الطارئ؟. وقدمت أجوبة في مجلس الوزراء من قبل رئيس الجمهورية، تطمئن بمواصلة السياسة الاجتماعية والنفقات العمومية حتى في ظل تراجع أسعار البترول. بل زيادة في التحويلات الاجتماعية لعام 2016 وبلوغها 23 من المائة بدل 7 من المائة السنة المنقضية. توضحها المبالغ الموجهة للسكن والمقدرة بـ477 مليار دج ودعم العائلات 446 مليار دج، والصحة العمومية بـ316,5 مليار دج والإعانات غير المباشرة التي تتجاوز عتبة 1500 مليار دج مخصصة أساسا لدفع الفروق بين الأسعار الحقيقية للوقود والغاز الطبيعي في سنة 2016.
الوضعية الصعبة التي تعيشها الجزائر وتحسّس بها مختلف فئات الشعب، تتخذ كدرس في سياسة ترشيد النفقات والإصرار على الحلول البديلة التي كانت دوما في الصدارة، منها توسيع نشاط الاقتصاد وترقيته وتحريره من التبعية المفردة للبرميل. هذا التحرر يجد مكانه في خيارات الاستثمار التي تعتمد تشجيع الرساميل المنتجة والشراكة الاستراتيجية بين المتعاملين جريا وراء استحداث الثروة المولّدة من الجهد البشري وعقله المبدع المبتكر وليس الريع الآيل إلى الزوال. هذه التوجّهات التي تصبّ في بناء قاعدة صناعية وفلاحية والتي نادى بها الرئيس بوتفليقة بلا توقف، ورصدت لها الأموال الطائلة وأنشئت لأجلها صناديق هي التي تفرض على المتعاملين الوطنيين اقتحامها لبناء جزائر الأمن والأمان المحصّنة من أي تهديد وصدمات خارجية، مثل التي نعيش تداعياتها بمرارة جراء انخفاض أسعار البترول.