ونحن نعيش ذكراها العاشرة، بما حملته في طياتها من مآسٍ ومآثر حزينة وصور تراجيدية، أقبلت علينا المصالحة الوطنية بديلا اجتماعيا وسياسيا وأمنيا، كي تغلق دابر قوم أرادوا أن يستمر مسلسل الموت في بلد الشهداء، أقحم أبناء الوطن الواحد في دوامة عنف لا قبل لهم بها، فقدنا فيها الإخوة والأحبة والأصدقاء، ترملت فيها الثكالى من النساء، وتيتمت فيها أمهات حيارى، فقدن عزيزا كان يملأ وحشتهم، في ما صار اليوم قاب ماض وأدنى.
جاءت المصالحة الوطنية بعد مساعٍ حثيثة وجهود كبيرة، في مقدمتها تضحيات قوات جيشنا الوطني الشعبي والأسلاك الأمنية رفقة المجاهدين والوطنيين الشرفاء، الذين حملوا سؤدد الوطن في ذاكرتهم الوطنية، كيف لا وجرعات المستعمر مازالت عالقة بأحداقهم، مشرئبة أعناقهم لكل المؤامرات الدنيئة التي تصبو لاستهداف وحدة الجزائر وأمنها، من خلال التصدي لها ومحاربتها عهدا عليهم وما بدلوا تبديلا.
استمرت كل المحاولات لثني المخططات بكل ما أوتي الوطن من شجاعة وقوة بواسله وسواعد أبنائه، تحذوهم في ذلك قداسة الشرف الذي أقسموا به عهدا على أنفسهم.
بعد طي ملف المصالحة وتسوية كل ما تعلق بالميثاق، طفحت أصوات تغرد خارج سرب العقل والتعقل والاستقرار، مستغلة الظرف بتشديد اللهجة ضد رموز الوطن في شخص رئيس الجمهورية، ومن خلاله الشعب الذي انحاز إلى خيار المصالحة، مما يعني أن التغريد هو محاولة جر البلاد إلى عشرية مازلنا نتجرع مآسيها وتعاستها إلى اليوم، في ظل ما تشهده المنطقة من تداعيات نحن في غنى عنها، رغم التنازلات التي أقدمت الدولة على تحقيقها لإنجاح هذا المسعى، وإطفاء نار الفتنة، ليظهر من كان بالأمس في خانة الإرهاب، متوعدا رموزنا، مصعدا من لهجته، تجاه القرار الذي قال بشأنه رئيس الجمهورية بأنه لا يسمح لمن تورط في أعمال العنف والإرهاب في العشرية السوداء بالعودة إلى الحياة السياسية.
مهما كانت الأسباب، إن ما أقدم عليه هذا الأخير يصنّف في خانة التهديد والوعيد للدولة ولرموزها وهو وعيد يجب أن يوضع له حد، ويكفله القانون ولا يعقل أن تمر التصريحات دون عقاب؟