إنجاز تاريخي

فنيدس بن بلة
28 سبتمبر 2015

حمل خيار ميثاق السلم والمصالحة بعدا استراتيجيا للجزائر، أثبت جدواه مع مرور الزمن. وكشف عن نظرة استشرافية لا تتوقف عند زمان ومكان محدد، لكن خارطة طريق لمرحلة تحصن البلاد من انقلابات الظرف وتداعياته العصيبة.
واعترف كبار السياسة ومتتبعو الشأن الجزائري بنجاعة ميثاق السلم والمصالحة الذي احتل الأولوية في برنامج رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة وخاض حملة كبيرة بشأنه حاثا الجزائريين على مرافقة المسار ودعمهم له واحتضانه لأنه البديل الأوحد لإعادة اللحمة إلى الوطن وتآخي أبنائه وتسامحهم وتعايشهم وقبول بعضهم البعض في سياق الرأي والرأي المخالف بعيدا عن الضغينة والحقد والتناحر.
اعترف كبار المحللين بأهمية المكسب واصفين اياه بالإنجاز التاريخي للرئيس بوتفليقة الذي يستحق من خلاله جائزة نوبل للسلام. كيف لا وهو الذي رافع منذ وصوله إلى الحكم في نهاية التسعينيات لصالح رسالة الأمل التي جاء يحملها في وقف نزيف الدم والمعاناة في الجزائر التي تستحق أن تكون في موقع آخر غير تراجيديا الموت والدمار وتكون لها مكانة تليق بها في عصبة الأمم بعيدا عن الحصار غير المعلن من جماعة “شنغن” ومن يدور في فلكها. وهي جماعة لم تتوقف عن صب الزيت على النار طيلة عشرية من الزمن بترديد الحملة المسعورة “من يقتل من؟ ثم استبدالها بـ من يتصالح مع من”.
وقد تحدى رئيس الجمهورية هذا الوضع من خلال الحوارات التي أجراها مع مختلف العناوين الإعلامية الأجنبية والفضائيات بالمرافعة لجزائر أخرى تبني نفسها بنفسها وتخوض تجربتها السلمية من خلال مشروع المصالحة آنذاك. وكشف عبر الرسائل غير المشفرة التي كان يبعثها خلال الزيارات الميدانية سواء داخل الوطن أو خارجه بأن مسعى المصالحة هو الخلاص لأزمة معقدة استغلها بعض ضعاف النفوس من أجل الوصول إلى السلطة بأي طريقة في مرحلة سابقة من التحول إلى التعددية وما رافقها من خرق للدستور باعتماد تشكيلات سياسية وفق أسس دينية وعقائدية في مجتمع تربى على التعايش والتسامح  وتغنّى منذ العصور بقيمها إلى حد الثمالة.
تحدى الرئيس هذا الوضع وأصلح خلله من خلال التمسك بمبدأ السلم والمصالحة المدخل الأبدي إلى الاستقرار الوطني وتأمين السيادة الوطنية من خطر اضطرابات المحيط. بعد عشرية من الزمن تعود إلى الأذهان حقيقة ما رافع من أجله رئيس الجمهورية وما قام به من حملات تحسيس وتعبئة بأن المصالحة أقوى الخيارات وأكثرها نجاعة في صيانة البلاد من أي طارئ وتهديد. وما يجري في المحيط العربي من اضطرابات وزلازل تحت تسميات عدة هو المثال الحي الذي تجاوزت الجزائر خطره وأمنت شره بفعل المصالحة الوطنية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024